الى

محطّاتٌ عاشورائيّة: مشاهد وُضع فيها رأس الإمام الحسين (عليه السلام) بين كربلاء والشام.. مسجد الحنّانة

تُعدّ حركة سبايا ودائع الأنبياء من عيال وأطفال وأهل بيت الإمام الحسين(عليه السلام)، هي بمثابة المرحلة الثانية من فصول النهضة الحسينيّة الخالدة، التي لولاها لضاعتْ واندثرتْ تلك الشهادات والتضحيات والجهود التي جاد بها سيّد الشهداء أبو عبد الله الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه(رضوان الله عليهم)، هذه المرحلة التي ابتدأت فصولها بعد استشهاده (سلام الله عليه) وذلك عندما رحل ابن سعد بمَن تخلّف من عيال الحسين(عليه السلام)، وحمل نساءه (صلوات الله عليه) على أحلاس أقتاب الجمال بغير وِطاء وساقوهنّ كما يُساق سبيُ الترك والروم في أشدّ المصائب والهموم.
قال العلّامة ابن شهر آشوب المازندراني في (مناقب آل أبي طالب): «ومن مناقبه -أي الإمام الحسين عليه السلام- ما ظهرَ من المشاهد التي يُقال لها مشهد الرّأس، وغير ذلك من التسميات من كربلاء إلى عسقلان، وما بينهما في الموصل ونَصيبين وحماه وحمص ودمشق وغير ذلك.
وهنالك مشاهد شُيّدت في مواقعَ نزل فيها موكبُ سبايا آل بيت رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، في طريقه من كربلاء إلى الكوفة ومن ثمّ في الطريق من الكوفة إلى دمشق الشام، ومن تلك المشاهد التي بقت شاخصةً ليومنا هذا هو مسجد الحنّانة، فعند وصل موكب السبايا إلى تخوم الكوفة ليل الثاني عشر من محرّم، بات هناك ولم يدخل المدينة، لِحِرْصِ عبيدالله بن زياد على أن يكون دخولهم إلى المدينة استعراضيّاً بالجُند والسلاح ومظاهر الزينة.
يقع مسجد أو مشهد الحنّانة شمال شرق «النجف» على يسار الذاهب إلى «الكوفة». ومن الثابت أنّه كان قديماً عبارة عن «قائم»، أي نصبٌ مبنيّ عموديّاً، في الموضع الذي أُودع فيه رأسُ الإمام الحسين(عليه السلام) قبل دخول موكب السبايا «الكوفة».
قال المحدّث القمّي في (نفس المهموم): وفي ظهر الكوفة عند «قائم» الغريّ مسجدٌ يُسمّى بالمسجد الحنّانة، فيه تُستحبّ زيارةُ الحسين(عليه السلام)، لأنّ رأسه (عليه السلام) وُضِع هناك.
قال المفيد والسيّد [ابن طاوس] والشهيد [الأوّل] في باب زيارة أمير المؤمنين(صلوات الله عليه): فإذا بلغتَ العَلم -وهي الحنّانة- فصلِّ هناك ركعتين. فقد روى محمد بن أبي عمير عن مفضّل بن عمر قال: جازَ الصادق(عليه السلام) بالقائم المائل في طريق الغَريّ فصلّى ركعتين، فقِيل له: ما هذه الصلاة؟ فقال: هذا موضعُ رأس جدّي الحسين بن عليّ(عليهما السلام)، وضعوه هَهنا لمّا توجّهوا من كربلاء، ثمّ حملوه إلى عبيد الله بن زياد.
ومسجدُ الحنّانة من المساجد المعظّمة كبيرة الشأن، يُتبرّك به ويقصده المجاورون والزائرون، وهو أحد الأماكن الثلاثة التي صلّى فيها الإمام جعفر الصادق(عليه السلام).
وأمّا تسمية "الحنّانة": فهي كلمةٌ مشتقّة من الحنين، وذلك عندما مرّت سبايا الإمام الحسين(عليه السلام) بموضع الثويّة (تلٌّ بقرب تلّ قرب القائم المائل المسمّى بالحنّانة، وفيه قبور خواصّ أمير المؤمنين بضمنها مرقد الصحابي كميل بن زياد-رضوان الله عليه-)، إذ عبثوا برأسه الشريف ورؤوس أصحابه، فصدرت أصواتٌ من الحنين جزعاً على ما حلّ بهم، فالكلمةُ عربيّةُ الاشتقاق أصيلة، وقد تأتي من تحنّن عليه: أي ترحّم، والحنان: الرحمة، أو أنّ الكلمة مشتقّة من لفظة "حنّا"، و"حنا": ديرٌ نصرانيّ قديم من أديرة الحيرة، كان في موضع المسجد عينه، وتطوّرت اللفظة من "حنّا" إلى "حنّانة" بمرور الزمن، ودير "حنّا" قد بناه المنذر الأوّل بن النعمان الأوّل الذي حكم بين 418 - 462م، وكان ديراً عظيماً في أيّامه.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: