الى

محطّاتٌ عاشورائيّة: مشهدُ النقطة الحسينيّة جنوب الموصل

يذكرُ أصحابُ السِيَر أنّ العديد من المُدُن قد شهدت مرورَ موكب سبايا الإمام الحسين(عليه السلام) والرؤوسِ الطاهرة، وفي كثيرٍ من البلاد بُنيت مشاهد لمحطّاتٍ قد مرّ عليها ذلك الموكب المقدّس، ولا شكّ أنّ رأس الحسين(عليه السلام) لم يدفن فيها، ولكن وُضِع أو حُفِظ فيها لوقتٍ ما، ومنها مشهد المُوصل وهي مدينةٌ في شمال العراق تقع على شاطىء نهر دجلة، وتبعد عن الكوفة زهاء (600 كم)، وكان فيها إلى القرن السابع للهجرة/ الثالث عشر للميلاد مشهدٌ يُسمّى «مشهد رأس الحسين»، «وكان [الرأس الشريف] به لمّا عبروا بالسبي»، كما في (الإشارات) للهَروي.
وقال في (نفَس المهموم): وأمّا مشهدُ الموصل "فإنّ القوم لمّا أرادوا أن يدخلوا الموصل أرسلوا إلى عامله أن يُهيّئ لهم الزاد والعلوفة وأن يزيّن لهم البلدة، فاتّفق أهلُ الموصل أن يهيّئوا لهم ما أرادوا وأن يُستَدْعَوا منهم أن لا يدخلوا البلدة، بل ينـزلوا خارجها ويسيروا من غير أن يدخلوا فيها.
فنـزلوا ظاهر البلد على بُعد فرسخٍ منها ووضعوا الرأس الشريف على صخرة، فقطرَت عليها قطرةُ دمٍ من الرّأس المكرّم فصارت تنبع ويغلي منها الدم كلّ سنة في يوم عاشوراء، وكان الناس يجتمعون عندها من الأطراف ويُقيمون مراسيم العزاء والمآتم في كلّ عاشوراء، وبقِي هذا إلى عبد الملك بن مروان فأمر بنقل الحجر فلم يُرَ بعد ذلك منه أثر، ولكن بنوا على ذلك المقام قبّةً سمّوها مشهد النقطة".
وفي (الكامل) للبهائي: أنّ حاملي الرأس الشريف كانوا يخافون من قبائل العرب أن يخرجوا عليهم ويأخذوا الرّأس منهم، فتركوا الطريق المعروف وأخذوا من غير طريقٍ لذلك، وكلّما وصلوا إلى قبيلةٍ طلبوا منهم العلوفة وقالوا معنا رأسُ خارجيّ.
ونظم الشيخ الأوحدي أبياتاً تناسب عودة العزاء كلّ عام بالفارسيّة، مطلعُها مترجماً للعربيّة:
في كلّ عامٍ حزننا يتجدّدُ *** لا ينقضي ودموعُنا لا تجمدُ
وذُكر في محلٍّ آخر -وذلك ضمن الحديث حول سبب بناء هذا المشهد- أنّه بعد قتل الإمام الحسين(عليه السلام) حملوا رأسه إلى الشام، ومرّوا به من دير سعيد، وباتوا بقربه، وكان رأس الإمام الحسين(عليه السلام) في مخلاة، فعَلِم به أحدُ رهبان الدير، فأخذه وغسّله، وطيّبه، وبيّته عنده ليلةً واحدةً، فقطرت من الرأس قطرةُ دمٍ على الأرض التي باتوا فيها؛ فبنى الراهبُ مشهداً في المكان المذكور، وسُمّي مشهد النقطة الحسينيّة، وصار مدفناً لنقباء الموصل.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: