الى

المتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدّسة: مِن الإخلاصِ والوفاءِ لعلمائِنا أنْ نُحْيي مَا نَسْتطيعُ مِن آثارِهم

تضمّن العددُ الأوّلُ من مجلّةِ (تُراث كربلاء المخطوط) الحوليّة، الصادرة عن مركزِ تُراثِ كربلاء التابعِ لقسمِ شؤونِ المعارفِ الإسلاميّةِ والإنسانيّةِ ، كلمةً قيّمةً لسماحةِ المتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدّسة السيد أحمد الصافي –دام عزّه-، هذا نصُّها:

الحمدُ لله وكَفَى، والصَّلاةُ والسَّلامُ علَى محمَّدٍ وعلَى آلهِ الشُّرَفا، وبعدُ..
فإنَّ مَا تَركَهُ علماءُ الطَّائِفةِ مِن عُلومٍ كَثيرةٍ في فنون متنوِّعة -رَغْمَ كلِّ مَا أَلمَّ بِهِم مِن صعابٍ- لهوَ مَفْخَرَةٌ مِنَ المفاخرِ لا يسعُنا إلَّا أنْ نقفَ بكلِّ إجلالٍ، وتقديرٍ وَانْبهارٍ لها وَلهم، والَّذِي يسْبِرُ التَّاريخَ -وبَعْضُهُ للأسفِ ما زالَ في طيِّ الإهمالِ- سَيرَى حَقِيْقَةَ مَا نَقُولُ.
فَقَد كرَّسَ هؤلاءِ الأَفْذاذُ حَياتَهُم المبارَكَةَ في البَحْثِ والتَّأليفِ والتَّدْرِيسِ، وَكانُوا مُوفَّقينَ أيَّما توفيقٍ، وهم يُدَبِّجُونَ بِيَرَاعِهِم القَراطِيسَ تِلْو القراطيسِ، وَحَناجرُهُم تَعْلُو بِالطيِّبِ مِنَ القَولِ في مجالسِ البحثِ آيٍ مِنَ الذِّكرِ الحكيمِ دليلاً، أو تفسيراً، وأحادِيْثِ أهلِ بيتِ العصمةِ استدلالاً على المدَّعَى.
وبينَ النقضِ والإبرامِ نَمَتْ البُحوثُ العلميَّةُ، وَازْدَهرَتْ المباني الأصوليَّة، وتعمَّقتْ المسائلُ الفقهيَّةُ، وَكانت الحواضِرُ الإسلاميَّةُ تموجُ بالحركةِ العلميَّةِ الَّتِي أسَّسها هؤلاء الأفذاذُ، كالنَّجَف والحلَّة وكربلاء وغيرِها.
ولقَدْ كانَ لِكربلاءَ القدحُ المعلَّى قَبلَ قرنَيْنِ مِن الزّمانِ أو يزيدُ؛ إذ حلَّ فيها فحولُ الطائفةِ رغبةً في مجاورةِ سيِّدِ الشهداءِ-عليه السلام-، ولعلَّ الحضورَ المباركَ للوحيد البهبهانيّ -قُدّس سرّه- هو الَّذي أوْقدَ نورَ الفقاهةِ والتحقيقِ بشكلٍ قلَّ نظيرُه، واستفادَ الكمُّ الغفيرُ مِن الطلبةِ، والمحصِّلينَ مِن موائِدِ إفاداتِهِ -قدّس الله نفسه الشريفة- الَّذين ترّبعُوا على دَسْتِ المرجعيّةِ مِن بعدِه.
ولعلّ مِن الإخلاصِ والوفاءِ لهذِه الثّلةِ العُلمائيَّةِ أنْ نُحْيي مَا نَسْتطيعُ مِن آثارِهم؛ حتَّى تكونَ في متناولِ الأفاضلِ والمحصِّلينَ مِن طلبةِ العلومِ الدينيّةِ، لاسيّما وأنَّ البحوثَ العلميّةَ اليوم -في النجف الأشرف- تعيشُ عصراً ذهبيًّا، وطبيعةُ البحثِ هو عرضُ الآراءِ العلميَّةِ، لكنْ مِن أينَ تعلمُ الرأيَ إذا كانَ حبيساً في المخطوطاتِ، وليسَ بمقدورِ أيِّ أحدٍ الوصولُ إليهِ؟!
لذلكَ كانَ مِن أهمِّ الأمورِ السعْيُ لإظهارِ هذِه البحوثِ والرسائلِ والمطالبِ -بعدَ تحقيقها- على شكْلِ مجلَّةٍ يَسهلُ تناولُها، ويتيسَّرُ الحصولُ عليها، وهي مَعنيَّةٌ بإبرازِ التراثِ الكربلائيّ في عهدِها العلمِيّ قبلَ المدَّةِ المذكورةِ ومَا بعدَها.
نسألُ الله تعالى أنْ يوفِّقَ الإخوةَ الأعزَّاءَ الَّذينَ قامُوا بهذِه الخطوةِ المباركةِ، وأنْ يفيدَ الباحثينَ والطلبةَ الأكارِمَ مِن البحوثِ المحقَّقةِ، التي تكشِفُ -أيضاً- عَن سَيْرِ الحركةِ العلميَّةِ، وتطوّرِهَا إلى الوَضْعِ الحاليّ، وهِي مسألةٌ مهمَّةٌ جدًّا مِن جهةٍ تاريخيَّةٍ.
واللهُ مِن وَراءِ القَصْدِ.
تعليقات القراء
2 | عدي طالب العبادي | 31/12/2020 21:32 | العراق
اقلدكم الدعاء والزيارة نيابة عن مولاي صاحب الزمان عليه السلام وشيعة امير المؤمنين عليه السلام وعني أنا عدي طالب العبادي وعن والدي وعن اهلي
1 | نصير مغير عبدعون الجليحاوي | 31/12/2020 19:49 | العراق
بالتوفيق ان شاء الله للجميع حقيقة يعجز اللسان عن الأعمال والخدمات التي تقدمها العتبة العباسية المقدسة حفظ الله سماحة السيد أحمد الصافي ووفقه لكل عمل صالح
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: