الى

ميلادُ الإمام زين العابدين (عليه السلام)

أشرقت المدينةُ المنوّرة في الخامس من شهر شعبان المبارك عام 38 من الهجرة النبويّة الشريفة، بميلاد الإمام الرابع من أهل بيت النبيّ والوحي الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
قال الشيخ المفيد في کتابه (الإرشاد): کان علي بن الحسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً، وقال: قد روی عنه فقهاءُ العامّة من العلوم ما لا يُحصی کثرةً، وحُفِظ عنه من المواعظ والأدعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والأيّام ما هو مشهورٌ بين العلماء.
أُمّه السيّدة شاه زنان بنت يَزدَجُرد بن شهريار بن كسرى، ويقال: إنّ اسمها شهربانو، وزوجته السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، أمّا ألقابه (عليه السلام): زين العابدين، سيّد العابدين، السجّاد، ذو الثفنات، إمام المؤمنين، الزاهد، الأمين، المُتَهَجِّد، الزكي... وأشهرها زين العابدين. وكنيته أبو محمّد، أبو الحسن، أبو الحسين، أبو القاسم...
وتُشير الروايات أنّه في يوم ولادته (عليه السلام) سارع جدّه الإمام أمير المؤمنين أو ولده الإمام الحسين(عليهم السلام) إلى إجراء مراسيم الولادة الشرعيّة على الوليد المبارك، فأذّن في أذنه اليُمنى وأقام في اليُسرى، وقد غرس بذلك في قلبه معبداً ينبض بأحاسيس التقوى والصلاح، فكانت نغماً حيّاً يسيّره نحو البرّ والعمل الصالح.
فكان أوّل ما استُقبِلَ به الإمامُ زين العابدين في هذه الحياة هو صوت (الله أكبر) وقد طُبِع في قلبه ومشاعره، وصار في ذاتيّاته ومقوّماته، وفي اليوم السابع من ولادته عقّ عنه أبوه بكبشٍ وحلق شعر رأسه، وتصدّق بوزنه فضّةً أو ذهباً على المساكين، عملاً بالسنّة الإسلاميّة المقدّسة.
عاش (عليه السلام) سبعةً وخمسين سنة تقريباً قضی سنتين أو أربع سنوات منها في کنف جدّه الإمام علي(عليه السلام)، ثمّ ترعرع في مدرسة عمّه الحسن وأبيه الحسين(عليهما السلام) سبطَيْ رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، وارتوی من نمير العلوم النبويّة واستسقی من ينبوع أهل البيت الطاهرين.
برز علی الصعيد العلميّ إماماً في الدين ومناراً في العلم ومرجعاً لأحکام الشريعة وعلومها، ومثلاً أعلی في الورع والتقوی، واعترف المسلمون جميعاً بعلمه واستقامته وانقاد الواعون منهم إلی زعامته وفقهه ومرجعيّته.
عاصر (عليه السلام) في سنيّ إمامته من الحكّام الامويّين كلّاً من يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك.
كان الإمام زين العابدين(عليه السلام) حاضراً في يوم عاشوراء، حيث شاء الله عزّ وجلّ أن تُحفظ ذرّية رسوله (صلّى الله عليه وآله) وأن لا تخلو الأرض من الحجّة، فأصيب الإمام(عليه السلام) بمرضٍ شديد لا يقوى معه على الحركة والقيام، فلم يتمكّن من الدّفاع عن الدين الإسلاميّ المحمّدي الأصيل، وعن أبيه الإمام الحسين(عليه السلام) والشهادة في سبيل الله تعالى، إلّا أنّه كان السرّ في إحياء واقعة عاشوراء وعدم طمسها.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: