الى

العيد دلالاتُه ومعانيه

يحلّ علينا في العاشر من شهر ذي الحجّة الحرام من كلّ عام عيدُ الأضحى المبارك، وهو عيدُ المسلمين كافّة، كما جاء في الدعاء: (اللهمّ إنّي أسألك بحقّ هذا اليوم، الذي جعلته للمسلمين عيداً، ولمحمّدٍ(صلّى الله عليه وآله) ذخراً وكرامةً ومزيداً…).
سُمّي العيد بيوم الأضحى أو النحر؛ لأنّ حُجّاج بيت الله الحرام في هذا اليوم يقومون بذبح الأضاحي -من البقر أو الأغنام- في منطقة منى، وذلك بعد عودتهم من عرفات، قال تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مّعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).
عن المفضّل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله(عليه السلام): (إذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيّام إلى الله عزّ وجلّ كما تزفّ العروس إلى خدرها، يوم الفطر ويوم الأضحى، ويوم الجمعة ويوم غدير خم).
روى أبو مخنف، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه: أنّ علياً(عليه السلام) خطب يوم الأضحى فقال: (اُوصيكُمْ عِبادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَكَثْرَةِ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَاُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا الَّتى‏ لَمْ يُمَتَّعْ بِها اَحَدٌ قَبْلَكُمْ، وَلا تَبْقى‏ لِاَحَدٍ بَعْدَكُمْ، فَسَبيلُ مَنْ فيها سَبيلُ الْماضينَ مِنْ اَهْلِها، اَلا وَاِنَّها قَدْ تَصَرَّمَتْ وَاَذَنَتْ بِانْقِضاءِ، وَتَنَكَّرَ مَعْرُوفُها، وَاَصْبَحَتْ مُدْبِرَةً موَلِّيَةً، تَهْتِفُ بِالْفَناءِ، وَتَصْرُخُ بِالْمَوْتِ، قَدْ اَمَرَّ ما كانَ مِنْها حُلُواً، وَتَكَدَّرَ مِنْها ما كانَ صَفْواً، فَلَمْ يَبْقَ مِنْها اِلاَّ شُفافَةٌ كَشُفافَةِ الْأِناءِ، وَجرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْأِدواةِ، لَوْ تَمَزَّزَهَا الصَّدْيانُ لَمْ تَنْقَعْ غُلَّتهُ، فَاَزْمِعُوا عِبادَ اللَّهِ عَلَى الرَّحيلِ مِنْها، وَاَجْمِعُوا مُتارَكَتَها، فَما مِنْ حَىٍّ يَطْمَعُ فى‏ بَقاءٍ، وَلا مِنْ نَفْسٍ اِلاَّ وَقَدْ اَذْعَنَتْ لِلْمَنُونِ، وَلا يَغْلِبَنَّكُمُ الْاَمَلُ، وَلا يَطُلْ عَلَيْكُمُ الْأَمَلُ، وَلا تَغْتَرُّوا بِالْمُنى‏ وَخُدَعِ الشَّيْطانِ.
تَعَبَّدُوا لِلَّهِ عِبادَ اللَّهِ اَيَّامَ الْحَياةِ، فَوَ اللَّهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنينَ الْوَلَهِ الْعَجْلانِ وَدَعَوْتُمْ دُعاءَ الْحَمامِ، وَجَأَرْتُمْ جِؤارَ الرُّهْبانِ، وَخَرَجْتُمْ اِلَى اللَّهِ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ، اِلْتماسَ الْقُرْبَةِ اِلَيْهِ فىِ ارْتِجاعِ دَرَجَةٍ، وَغُفْرانِ سَيِّئَةٍ اَحْصَتْها كَتَبَتُهُ، وَحَفِظَتْها رُسُلُهُ، لَكانَ قَليلاً فيما تَرْجُونَ مِنْ ثَوابِهِ وَتَخْشَوْنَ مِنْ عِقابِهِ، وَتَاللَّهِ لَوِ انْماثَتْ قُلُوبُكُمْ انْمِياثًا، وَسالَتْ مِنْ رَهْبَةِ اللَّهِ عُيُونُكُمْ دِماءً، ثُمَّ عُمِّرْتُمْ عُمُرَ الدُّنْيا عَلى‏ اَفْضَلِ اجْتِهادٍ وَعَمَلٍ، ما جَزَتْ اَعْمالُكُمْ حَقَّ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَلاَ اسْتَحْقَقْتُمُ الجَنَّةَ بِسِوى‏ رَحْمَةِ اللَّهِ وَمَنِّهِ عَلَيْكُمْ.
اَلا وَاِنَّ هذَا الْيَوْمَ يَوْمٌ حُرْمَتُهُ عَظيمَةٌ، وَبَرَكَتُهُ مَاْمُولَةٌ، وَالْمَغْفِرَةُ فيهِ مَرْجُوَّةٌ، فَاَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ، وَتَعَرَّضُوا لِثَوابِهِ بِالتَّوْبَةِ وَالْإِنابَةِ، وَالتَّضَرُّعِ وَالْخُضُوعِ، فَاِنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ، وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئاتِ، وَهُوَ الرَّحيمُ الْوَدُودُ...).
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: