الى

إطلالةٌ على ذكرى مبيت أمير المؤمنين عليّ في فراش النبيّ (صلّى الله عليه وآله)

يذكر أصحابُ السير أنّ جبرائيل(عليه السلام) أخبر النبيّ(صلّى الله عليه وآله)، بأنّ الله عزَّ وجلَّ يأمره بالهجرة إلى المدينة، فدعا (صلّى الله عليه وآله) أمير المؤمنين عليّاً(عليه الصلاة والسلام) وأخبره بذلك، وقال (صلّى الله عليه وآله) له: (أمَرَني اللهُ عزَّ وجلَّ أنْ آمُرك بالمبيت في فراشي، لكي تُخفي بِمَبيتِك عليه أثري، فما أنتَ صانع؟)، وكان ذلك في الليلة الأولى من شهر ربيع الأوّل سنة (13) للبعثة النبويّة المباركة.
فقال أميرُ المؤمنين علي(عليه الصلاة والسلام): (أوَ تسلمَنَّ بِمَبيتي يا نَبيَّ الله؟).
قال (صلّى الله عليه وآله): (نَعَمْ..).
فتبسَّم الإمام (عليه السلام) ضاحكاً، وأهوى إلى الأرض ساجداً.
فبات أميرُ المؤمنين علي(عليه الصّلاة والسلام) تلك الليلة في فراش النبيّ(صلّى الله عليه وآله) موطِّناً نفسه على القتل.
وجاءت رجال من قريش لتنفيذ المؤامرة، فلمّا أرادوا أن يضعوا أسيافهم فيه، وهم لا يشكُّون أنّه محمد(صلّى الله عليه وآله)، فأيقظوه، فرأوه الإمام علياً(عليه السلام) فتركوه، وتفرَّقوا في البحث عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله).
وقبل أن يهاجر النبيّ(صلّى الله عليه وآله) اتَّصل بأمير المؤمنين علي(عليه الصلاة والسلام)، وأمره أن يذهب إلى مكّة وينادي صارخاً: (مَنْ كانَتْ لَهُ قِبلَ مُحمَّدٍ أمانةٌ أو وديعَةٌ فليأتِ، لنؤدِّيَ إليه أمانتَه).
وبعد أن استقرَّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله) في المدينة المنوَّرة، كَتَب إلى أمير المؤمنين علي(عليه الصلاة والسلام) كتاباً أمَرَه فيه بالمسير إليه.
وروى الفخرُ الرازيّ في التفسير الكبير في تفسير قول الله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)، قال: نزلت في علي بن أبي طالب(عليه السلام)، بات على فراش رسول الله(صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، ليلة خروجه إلى الغار.
قال: ويُروى أنّه لمّا نام على فراشه (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، قام جبريل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبريل ينادي: بخٍ بخٍ.. مَنْ مثلُك يا بن أبي طالب، يُباهي اللهُ بك الملائكة، ونزلت الآية، يعني بها: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ).
وعليه فإنّ مبيت أمير المؤمنين علي(عليه السلام) في فراش النبيّ محمد(صلّى الله عليه وآله) لم يكنْ أمراً يسيراً من الممكن أن يؤدّيه أيّ إنسانٍ اعتياديّ، بل كان أمراً يتطلّب شجاعةً كبيرة، لاسيّما حين يعلم أنّه سيُقْتَل لا محالة، ذلك لأنّ مُشرِكي قريش اتّخذوا قراراً لقمع الدين وإنهاء وجود النبيّ الأكرم في تلك الليلة، غير أنّ النبيّ الأكرم استطاع الخروج في ذلك اللّيل من دون أنْ يراه أحد، وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾، وبمساعدة أمير المؤمنين الذي بات ليلتها في فراشه.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: