الى

 انبلاجُ النور الثامن والإِمام السادس جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)في السابع عشر من ربيعٍ الأوّل

في السابع عشر من ربيعٍ الأوّل ووسط مظاهر البهجة والسرور والاحتفاء بذكرى مولد النبيّ الأعظم(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وُلِد حفيدُه جعفر الصادق بن محمد الباقر(عليهما السلام)، ينبوع العلم ومعدن الحكمة واليقين صلوات اللّه عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين، وذلك يوم الاثنين السابع عشر من شهر ربيعٍ الأوّل سنة (83) هجريّة في المدينة المنوّرة، وهو يومٌ شريفٌ عظيمُ البركة، ولم يزل الصالحون من آل محمد(عليهم السلام) من قديم الأيّام يعظّمون حقّه ويرعون حرمته، وفي صومه فضلٌ كبير وثوابٌ جزيل، وتُستحبّ فيه الصدقةُ وزيارة المشاهد المشرّفة والتطوّع بالخيرات وإدخال المسرّة على أهل الإيمان.
اسمه الكريم جعفر، وكنيته أبو عبد اللّه، ومن ألقابه: الصابر والفاضل والطاهر والصادق والأخير أشهرُها.
والدته السيّدة الجليلة المكرّمة فاطمة، المكنّاة بـ(أمّ فروة) بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، التي قال الإمامُ الصادق(عليه السلام) في حقّها: (كانت أمّي ممّن آمنتْ واتّقتْ وأحسنتْ واللهُ يحبّ المحسنين).
تربَّى في أحضان أبيه الإمام الباقر وجَدِّه الإمام السجَّاد(عليهما السلام)، وعنهما أخذَ (عليه السلام) علومَ الشريعةِ ومعارِفَ الإسلام، حيث استلم مهامّ الإمامة العظمى وله من العمر 34 سنة، وذلك في سنة 117هـ، وشكّل الإمام الصادق(عليه السلام) مع آبائه الطاهرين الميامين حلقاتٍ متواصلة مترابطة متفاعلة، حتّى تتّصل برسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
لقد كان (عليه السلام) من الفضل بمكانٍ يقرّ له العدوّ والصديق، فالتفّ حوله العلماء والفقهاء والقرّاء كافّة، وكلّهم كانوا يجلسون تحت منبر درسه وينهلون من رحيق أنفاسه علماً وأدباً وحكمة، فكان أعلم الأمّة في زمانه بلا منافس، وقد شقَّق العلوم بفكره الثاقب وبصره الدقيق، حتَّى ملأ الدنيا بعلومه، وأدلى (عليه السلام) بحديثٍ أعرب فيه عن سعة علومه فقال: (والله إنّي لأعلم كتاب الله من أوّله إلى آخره كأنّه في كفّي، فيه خبرُ السماء وخبرُ الأرض، وخبرُ ما كان، وخبرُ ما هو كائن، قال الله عزَّ وجلَّ: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ)).
وقد كان من مظاهر سعة علمه أنّه قد ارتوى من بحر علومه أربعةُ آلاف طالب، قد أشاعوا العلم والثقافة في جميع الحضارات الإسلاميّة ونشروا معالم الدين وأحكام الشريعة.
قال كمالُ الدين محمد بن طلحة (رحمه الله): هو من عظماء أهل البيت وساداتهم (عليه السلام)، ذو علومٍ جمّة وعبادةٍ موفورة وأورادٍ متواصلة وزهادةٍ بيّنة وتلاوةٍ كثيرة، يتتبّع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستنتج عجائبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيتُهُ تذكّر بالآخرة واستماعُ كلامه يزهّد في الدنيا والاقتداءُ بهُداه يورث الجنّة، نور قَسَماته شاهد أنّه من سُلالة النبوّة وطهارةُ أفعاله تصدع بأنّه من ذرّية الرسالة، نقل عنه الحديث واستفاد منه العِلْمَ جماعةٌ من أعيان الأمّة وأعلامهم، مثل: يحيى بن سعيد الأنصاريّ، وابن جريج، ومالك بن أنس، وسفيان الثوريّ، وابن عيينة، وأبي حنيفة، وشعبة، وأيّوب السختياني.. وغيرهم، وعَدّوا أخذَهم منه منقبةً شُرِّفوا بها وفضيلةً اكتسبوها.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: