الى

ذكرى رحيل كريمة النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) فاطمة الزهراء (عليها السلام)

تحلّ هذا اليوم الجمعة الثالث من شهر جمادى الآخرة (1443هـ) الموافق لـ(7 كانون الثاني 2022م)، ذكرى استشهاد كريمة النبيّ الأكرم(صلّى الله عليه وآله) وزوجة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) وسيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء البتول(سلام الله عليها) حسب الرواية الثالثة، التي تنصّ على أنّ استشهادها (عليها السلام) كان في الثالث من جمادى الآخرة سنة 11 للهجرة، التي بناءً عليها تكون الزهراء(عليها السلام) قد بقيت بعد أبيها خمسةً وتسعين يوماً.
فاطمة الزهراء(عليها السلام) لم تبق بعد أبيها(صلّى الله عليه وآله) إلّا أيّاماً معدودات، مستديمةً الحزن والبكاء متلقّيةً من المصائب والأذى والآلام ما اللهُ به أعلم.
ورُوي في كشف الغمّة وغيره أنّه: لمّا حضرتها (عليها السلام) الوفاة، أمرت أسماء بنت عميس أن تأتيها بالماء، فتوضّأت وقيل اغتسلت ودعت بالطيب فتطيّبت به، ودعت بثيابٍ جُدُد فلبستها وقالت لأسماء: أنّ جبرائيل(عليه السلام) أتى النبيّ(صلّى الله عليه وآله) لمّا حضرته الوفاة بكافورٍ من الجنّة فقسمه أثلاثاً، ثلثاً لنفسه وثلثاً لعليّ وثلثاً لي وكان أربعين درهماً.
فقالت: يا أسماء ائْتِني ببقيّة حنوط والدي فضعيه عند رأسي فوضعته، ثمّ تسبحت بثوبها وقالت: انتظريني هُنيأةً ثمّ ادعيني فإن أجبتُك وإلّا فاعلمي أنْ قد قدمتُ على أبي.
فانتظرتْها هنيأةً ثمّ نادتها فلم تُجبْها فنادتْ يا بنت محمد المصطفى، يا بنت أكرم من حملته النساء، يا بنت خير من وطأ الحصى، يا بنت مَنْ كان من ربّه قاب قوسَيْن أو أدنى.
قال: فلم تُجبْها فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا، فوقعت عليها تقبّلها وهي تقول: فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله(صلّى الله عليه وآله) فأقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام.
قام الإمام علي(عليه السلام) بدفنها، وبعد تفرّق المشيّعين وقف(عليه السلام) على القبر قائلاً: «السّلامُ عَليكَ يا رسولَ الله عَنِّي وعنِ ابنَتِك النّازِلَة في جوارك، السريعة اللّحاق بك، قَلّ يا رسولَ الله عن صَفِيّتِك صَبرِي، وَرَقّ عنها تَجَلُّدِي، إلّا أنّ في التأسِّي بِعظِيم فرقَتِك وَفَادحِ مُصِيبَتِك مَوضِعَ تَعَزٍّ، فَلَقد وَسّدتُكَ فِي مَلحُودَةِ قَبرِك، وَفَاضَت بَينَ نَحري وصَدرِي نَفسُكَ.
إِنّا لله وإنّا إليه راجعون، لقد استُرجِعَتْ الوَديعةُ، وأُخِذَتْ الرّهينَة، أمّا حُزنِي فَسَرْمَد، وَأمّا لَيلِي فَمُسَهّد، إلى أَنْ يختارَ اللهُ لي دارَك التي أنتَ بِها مُقيم، وَسَتُنَبِّئُكَ ابنتُكَ بِتَضَافُرِ أُمّتِكَ على هَضمِها، فَاحفِهَا السُّؤَالَ، واستَخبِرْهَا الحَالَ».
ثمّ أنشد (عليه السلام):
لِكُلِّ اجتِمَاعٍ مِن خَلِيلَيْنِ فِرقَةٌ + وَكُلُّ الّذي دُونَ الفِرَاقِ قَليلُ
وَإِنّ افتِقَادِي فَاطماً بَعدَ أَحمَدٍ + دَلِيلٌ عَلى أَنْ لا يَدُومَ خَلِيلُ
وبالرغم من حياتِها القصيرة فقد كانت حافلةً بالخير والبركات، وكانت قدوةً وأسوةً للنساء والرجال على السواء، فكانت الفتاة المثال والزوجة المثال والمرأة المثال، ولهذا أصبحت سيّدة نساء العالمين.
وهكذا طوت الزهراء فاطمة(سلام الله عليها) صفحة الحياة لتبدأ مرحلة الخلود في عالم الفردوس، ولتحيا أبداً في ضمير التاريخ ودنيا الإسلام مثلاً أعلی وقدوةً حسنةً شامخة، تتطلّع إليها الأنظار وتسمو في رحابها النفوس.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: