الى

أواخرُ شهر ذي القعدة شهادةُ باب العِلم والمراد الإمام الجواد (عليه السلام)

يعيشُ ويستذكرُ محبّو وأتباعُ أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في أواخر شهر ذي القعدة من كلّ عام، ذكرى فاجعة استشهاد الإمام التاسع من أئمّة الهدى محمد الجواد(عليه السلام).

وكان استشهاده (عليه السَّلَام) فاجعةً أليمةً وحزنًا كبيرًا لا يوصف ألمّ بالأمّة الإسلاميّة، فقد انطوت بفقدِه صفحةٌ من صفحات الرسالة الإسلاميّة، وكان ذلك في سنة (220) هجريّة في بغداد إبَّان أوائل حكم المعتصم العبَّاسيّ (لعنه الله).

وتشيرُ الرواياتُ إلى أنّ المعتصم العبّاسيّ قد حاول مرّاتٍ عديدة اغتيالَ الإمام الجواد(عليه السلام)، واختارَ في خاتمة محاولاته الخبيثة من أجل النيل منه أُمَّ الفضل لتنفيذ جريمته.

فحاول جعفرُ بن المأمون أن يتّصل بأخته (أمّ الفضل) زوجة الإمام الجواد(عليه السلام)، وقد عرَفَ منها جعفرُ غيرتَها من زوجة الإمام الأخرى (أمّ الإمام الهادي)، فأخَذَ يبثّ إليها سمومه وكلماته، وشرح لها الخطّة في القضاء على أبي جعفر فوافقت.

فأعطاها جعفرُ بأمرٍ من المعتصم سُمّاً فتّاكاً جعلته له في الطعام، ويُقال إنّها وضعته في العنب الرازقي الذي كان الإمامُ يحبّه، فلمّا أكلَ منه الإمام أحسّ بالآلام والأوجاع حتّى صار يتقيّأ دماً عبيطاً، فرمى بنفسه على الفراش وأخذ يتقلّب ذات اليمين وذات الشمال، حتّى رمى كبدَه قطعةً قطعة وكان ذلك في سنة (220) هجريّة.

ورُوِي أنّ ابنَه الإمام عليّاً الهادي(عليه السلام) أقام جهازه وغسله وتحنيطه وتكفينه كما أمَرَه وأوصاه، فغسّله وحنّطه وأدرَجَه في أكفانه وصلّىٰ عليه في جماعةٍ من شيعته ومواليه.

ثمّ حُمِل جثمانُه في موكبٍ مهيبٍ تشيّعه عشراتُ الآلاف من الناس إلىٰ مقابر قريش، حيث مثوىٰ جدّه الإمام الكاظم موسىٰ بن جعفر(عليهما السلام)، فأُقبر إلىٰ جواره في ملحودةٍ أصبحت اليوم عمارةً شامخةً تناطح السماء بمآذنها الذهبيّة، وقِبلةً يؤمُّها آلافُ المسلمين يوميّاً للتبرّك بأعتابها، وطلب الحوائج من ساكنيها، ولطالما انقلبَ المتوسِّلون والمستغيثون إلىٰ أهلهم فرحين بما وجدوا من إنجاز طلباتهم التي تعسّر حلّ مُشكِلِها، بل أنّ البعض منها كان في حُكم المُحال حلُّ مُعضَلِهِ.

وهكذا خُتمت صفحةٌ بيضاء وأفلَ نجمٌ من نجوم أهل البيت(صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، فالسلامُ عليه يوم وُلد طاهراً نقيّاً، ويوم استُشهد صابراً محتسباً، ويوم يُبعث حيّاً شاهداً وشهيداً على الأمّة.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: