الى

العتبة العباسية المقدسة: الاعلام أخذ مكانته في صدارة الاهتمام الإنساني

تنظّم جمعية العميد العلمية والفكرية، مؤتمر العميد العلميّ الدوليّ السادس بالتعاون مع جامعتي الكفيل والعميد، تحت عنوان (الحقولُ المعرفيةُ في مجابهةِ الإعلامِ غيرِ الموضوعيّ–الوقايةُ والتحديات–)، بمشاركة محلية عربيّة وأجنبيّة واسعة ولمدّة يومين.
وقال مدير مركز متابعة الأداء في العتبة العباسية المقدسة الدكتور أحمد الشيخ علي في كلمة له ممثلاً عن العتبة المقدسة في المؤتمر، إنّ "الاعلام أخذ مكانته في صدارة الاهتمام الإنساني، حتى بات سلطة مهيمنة وقوة لا تقل شأناً عن المال والسلاح والسياسة، بل ربما كان الإعلام حاكماً على السلطات الأخرى لما له من تأثير مباشر على المجتمعات والشعوب".
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} ﴿٢١ الأنعام﴾
صدق الله العلي العظيم
سماحة المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي (دام عزه).
جناب الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة السيد مصطفى آل ضياء الدين (دام تأييده).
السادة أعضاء مجلس الإدارة ورؤساء الأقسام دام توفيقهم.
الحضور الكريم جميعاً مع حفظ الألقاب والمقامات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ها نحن بحمد الله ومنه نلتقي تحت خيمة صاحب اللواء والجود قمر بني هاشم المولى أبي الفضل العباس (عليه السلام)، لنعلن عن بدء أعمال (مؤتمر العميد العلمي العالمي في نسخته السادسة) وعلامتنا الدائمة إليه هذا الشعار الكبير: (نلتقي في رحاب العميد لنرتقي)، لقاؤنا يتجدد هذه المرة بنخبة جليلة من الأساتيذ والباحثين في مجال جديد وموضوع مهم من المجالات والموضوعات التي دأب هذا المؤتمر على تسليط الضوء عليها وفتح ملفاتها لما تشكله من ظاهرة لها حضورها وسطوتها وأثرها على الفرد والمجتمع، وملف مؤتمرنا في دورته الجديدة هذه حمل عنوان: (الحقول المعرفية في مجابهة الإعلام غير الموضوعي - الوقاية والتحديات).
وفي هذه الوقفة التي شرفتني بها العتبة العباسية المقدسة اسمحوا لي أن أنقل إليكم سلام ومباركة متوليها الشرعي سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، كما أنقل لكم تحيات أمينها العام جناب السيد مصطفى آل ضياء الدين دام تأييده.
الحضور الكريم، المؤتمرون الأفاضل.. لن أضيف جديداً حين أشير إلى أهمية الإعلام في زمننا الحاضر، فقد أخذ هذا المجال مكانته في صدارة الاهتمام الإنساني، حتى بات سلطة مهيمنة وقوة غاشمة لا تقل شأناً عن المال والسلاح والسياسة، بل ربما كان الإعلام حاكماً على السلطات الأخرى لما له من تأثير مباشر على المجتمعات والشعوب. وإذا كان الإعلام وسيلة تثقيفية من شأنها أن تفتح آفاق الوعي الإنساني وتسهم في بناء حضارته على وفق متطلبات المستجدات التكنولوجية وما تتيحه هذه المستجدات من مرونة وسهولة في توفير المعارف ووضعها في خدمة طالبيها في كل مكان ووقت، فإنّه أيضاً وسيلة يمكن أن تشل الوعي الإنساني وتعمل على تخريبه وتشويه منظوره حد حمله على هدم ثوابته وصولاً إلى نقض البناء المعرفي للإنسان على امتداد زمنه، ليتحول التراث والتاريخ ومفاهيم الحضارة إلى أباطيل وأوهام غير صالحة للاستهلاك والتداول، وهذا ما جعل الإعلام قوة خطيرة وقاهرة بامتلاكه ناصية التكنولوجيا الرقمية والسيبرانية وما يدخل في ذلك من أدوات حديثة ومتطورة، ولعل الحروب والدمار والفوضى التي يشهدها العالم الراهن ويعيشها الإنسان المعاصر، يقف الإعلام في صدارتها، بل هناك ما يدعونا إلى القول بمسؤولية الإعلام عن كل ما يجري من متغيرات فكرية واقتصادية وسياسية وصولاً إلى المتغيرات الصحية والفنية والإبداعية وعلى مختلف الصعد الفردية منها والمجتمعية.
إن عبارة حقيقية من قبيل: (الإعلام سلاح ذو حدين)، قد تكون صالحة لوصف عام وشامل، لكن النظرة التفصيلية والمقربة تضعنا بإزاء تحديات بالغة التعقيد، فقد أضحى الإعلام في هذا العصر على اشتباك واسع الطيف مع مختلف الحقول المعرفية، سواء أكانت دينية أم فلسفية أم ثقافية، وصار المتحكمون في الإعلام هم من يسوّقون النظريات على أهوائهم، ويقودون القطيع المجتمعي المذعن إلى تصديق ما يريدون بناء على مصالح إيديولوجية وفكرية محددة. ولعل هذا من بين المعطيات التي تحملنا على مراجعة شاملة تشخص المشكلة المترتبة على صعود ظاهرة الإعلام بوجهه غير الموضوعي، وتدعونا إلى إيجاد وسائل الوقاية منه، والتحديات التي تقف في وجه تفعيلها.
ولا شك، فإن هذا ليس بالأمر الهين، بل هو من أكثر الامور صعوبة إذا ما وضعنا في حساباتنا عوامل مساعدة تضاعف من خطر الإعلام غير الموضوعي، وأعني بها تفشي الفقر، والجهل، والأمية، والنكوص المعرفي، وزيادة الأمراض النفسية والعقلية، وجميع مخلفات الحروب وطغيان الحكم الديكتاتوري، والفساد على اختلاف أشكاله.

ومن هنا فقد أحسنت العتبة العباسية المقدسة وهي ترعى هذا المؤتمر الذي من المؤمل أن تكون مخرجاته بمستوى التحدي الذي قدمه منطوق عنوانه العريض.

وفي الختام أجد من المناسب أن أشكر جمعية العميد العلمية والفكرية وجامعتي الكفيل والعميد على دعم إقامة هذا المؤتمر، والشكر موصول لكل من أسهم فيه من الأساتيذ والباحثين، وهم يقدّمون أوراقهم البحثية ويؤسّسون لنظرة مستقبلية من شأنها أن تنتقل بنا من مستوى التشخيص إلى مرحلة المعالجة، وذلك ما يشكل التوجه الصحي والصحيح الذي ينبغي أن يتبناه الإنسان الملتزم الذي يعمر الأرض ويبني حضارتها انطلاقاً من فطرته التي فطره الله سبحانه وتعالى عليها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: