الى

الحادي عشر من شعبان المعظم ذكرى ولادة شبيه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) علي الأكبر(عليه السلام)..

تهنئة
تهنّئ العتبة العباسية المقدسة الإمام المهدي المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) والأمة الإسلامية جمعاء ومراجع الدين العظام بذكرى ولادة علي الأكبر(عليه السلام).
في الحادي عشر من شهر شعبان المعظّم تحلّ ذكرى ولادة شبيه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) خَلْقاً وخُلُقاً ومَنْطقاً، فهو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكنيته أبو الحسن، أمّه ليلى بنت أبي عروة بن مسعود الثقفي، وكان عروة بن مسعود أحد السادة الأربعة في الإسلام، ومن العظماء المعروفين.
استُشْهِد مع أبيه الحسين(عليه السلام) في كربلاء، ودُفِن قربه في قبرٍ متّصلٍ بقبره، ويزدحم المسلمون من جميع أنحاء العالم للسلام عليه والدعاء عند قبره الشريف.
وقد اختلف المؤرّخون في عمره الشريف، فقيل ثماني عشر سنة، وذهب الشيخ المفيد في الإرشاد إلى أنّ عمره (19سنة) وقيل (25سنة) فاختُلِفَ نتيجة لذلك في مسألة أنّه أكبر في العمر أم الإمام السجاد(عليه السلام)، والظاهر أنّ الإمام السجاد(عليه السلام) هو الأكبر كما يذهب إليه المجدّد الشيرازي الثاني وكوكبة من العلماء، بل لعلّه هو الأشهر.
وقد كان علي الأكبر(عليه السلام) كآبائه الطاهرين معروفاً بالزهد والعبادة وقرى الضيف وإطعام المساكين وإكرام الوافدين، وقد بلغ مبلغاً عظيماً في الأخلاق والكرم، فقد وُلِدَ في بيت يتمتّع بالحضور الكامل للإيمان والتقوى، بيت رحبِ الفكر واسعِ المعرفة مزدحمٍ بالصالحين والطاهرين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، الذين لا يفتأون يحرصون على صيانة مبادئ رسالتهم، ويتمسّكون بحرفيّتها، ويرفعون ألوية العقيدة عالياً، بيت هو العقيدة بذاتها، الأمر الذي يفسّر دعوة الله للناس كي يحبّوا ذلك البيت ويوادّوه، ويحاربوا من يكرهه ويعادوه، بيت عامر بكلّ ما يمتّ للإسلام بصلة وللحقّ والحقائق.
لذا فمن شأن الوليد الذي يفتح عينه في أجواء الصفاء لبيت الصفوة، وأوساط الشرف والسؤدد، وبيئة الخير والصلاح والهدى، من شأنه أن ينشأ على فيوضات ذلك البيت النبيل، وقبسات أهل ذلك البيت من الرجال الذين أنيطت بهم حراسة القضية الإسلامية، وصيانة الشرع الشريف، وحفظ الدين المحمدي الحنيف.
فنشأ وهو يرتشف لبن صدور المؤمنات التقيات، وراح جسده ينمو وتنمو مشاعرهُ السليمة وروحه الطاهرة، ونفسه السوية، أكل وشرب ممّا أنعم الله به حلالاً طيباً لا يأتيه الباطل والشبهة.. نشأ على أسمى معاني المؤمنين الأتقياء، ومزاحهم الجميل معه.
ترعرع علي الأكبر(عليه السلام) في تلك الأوساط الإيمانية، حيث قضى سنين حياة يتدرّج بين صفوة الرجال وصفوة النساء، وخيرة الفتيان والصبيان، بين شخصيات جليلة القدر وشباب يسمُون نحو الكمال والعزّ والإباء.
وترعرع وهو ملء العين، فتخطّى الزمن وتجاوز الأيام، مضى يقضي أياماً زاهرة وليالي مباركة، وأشهراً وسنيناً خالدات، متسلّقاً الدهر، يعلو فوق هامة التاريخ شخصاً فريداً في مجمل خصوصياته، وشابّاً خلّاقاً في ربيع حياته، ثمّ رجلاً بطلاً ينفرد بمميزات جمّة وجليلة سامية.. إذ نال من التربية ما يصعب على الكثيرين حصوله ونيله، حتى أبناء الملوك والأمراء، أبناء الأكاسرة والقياصرة، وما هو وجه الشبه حتى نذكر ونمثل بأبناء الملوك؟!
تمتّع بصفات آل الرسول(صلّى الله عليه وآله) بأوصاف جميلة وصفات جليلة، أوصاف ظاهرة على شخصياتهم للعيان وصفات كامنة تتجلّى منهم عند التعرّف عليهم ومعايشتهم، كما لاحظها وعاشها المعاصرون لهم، فهي بتجميع الكمالات لديهم دون استثناء أو افتقار لشيء صغير أو كبير، تمتّعوا بتجمع كُبْرَيات المواصفات وحُسْنَيات الصفات النبيلة الساميات، فلم يتركوا جميلاً جليلاً إلّا ولهم فيه خصوصية، وما من قبيح حقير إلّا ولهم في النهي عنه وحربه ممارسات وظيفية..
وقيل بأنّه شبيه جدّه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) مأخوذٌ من راوٍ أو مؤرّخٍ أو شاهد عيان بسيط ومعاصر عادي، وإنّما هو مأخوذٌ عن شاهدٍ دقيق النظر صادقٍ صدوقٍ، فقد صرّح بذلك والده الإمام الحسين(عليه السلام)، وعنه روى الراوي وأرّخ المؤرّخ. سيما وأنّ الإمام أعرف الناس برسول الله، وأكثرهم التصاقاً به وأشدّهم تعلّقاً به كما أنّه ورث منه واكتسب عنه، فلمّا وُلِدَ نجله علي الأكبر وشبّ يافعاً أخذ يوحي بصورته وأخلاقه ومنطقه إلى الرسول، فأضحى ذكراه وتذكاره، حتى كان الناس -من أهل المدينة- إذا اشتاقوا لرؤياه تطلّعوا اليه(سلام الله عليه).. ثم ليس أكثر من أبيه الإمام الحسين(عليه السلام) حضوراً لملامح جدّه ومعالم تلك الشخصية العظيمة.. وعليه فإنّ كلامه -الذي سنسجّل نصّه في القسم الثاني بمكانه المناسب- والذي يؤكّد محاكاة عليّ للنبي وأنّه أشبه الناس به خَلقاً وخُلقاً ومَنْطِقاً.
فعليٌّ الأكبر من أصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً حسبما اتّفق المؤرّخون، فضلاً عن اتّفاقهم وإجماعهم على مضمون تصريح أبيه الحسين من كونه مثيل الرسول من حيث الخِلْقة، والأخلاق، والنطق.
فسلامٌ عليه يوم وُلِدَ ويوم استُشْهِد ويوم يُبعث حيّاً..
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: