الى

خلال لقائه بوفدٍ من أساتذة وأكاديميّي جامعات كردستان العراق، السيد الصافي يؤكّد: سعي مكونات شعبنا الى حلّ مشاكله الكبرى والتفرّغ لحلّ الصغرى هو الأفضل بدل تضييع الأمرين لو حصل العكس..

جانب من اللقاء
التقى الأمينُ العام للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي وعلى هامش مؤتمر العميد العلمي العالمي الثاني مجموعةً من الأساتذة والمفكرين من شمال العراق في إقليم كردستان، وتبادل الجانبان أطراف الحديث بعد أن شكر وفدُ الأكاديميّين الكرد العتبة المقدسة على استضافتها ورعايتها لمثل هكذا مؤتمرات، من جانبه بيّن السيدُ الصافي أمرين هما:
الأمر الأول: بعض الأحاديث الشريفة تقول بما معناه "إنّ ذنب العَالِم كالعَالَم"، إشارةً الى أنّ العالِمَ مسؤولٌ، وهذه المسؤولية متأتية باعتبار كونه قدوةً للآخرين، بالمقابل قطعاً نصيحةُ العالِم، وأثرُ العالم يختلف اختلافاً كبيراً عن الجاهل.
أعتقد أنّ هناك دور حقيقي الآن يشمل كلّ الطوائف والمذاهب والمكونات الموجودة في العراق، ما هو الدور؟ لابدّ من وجود مسؤولية أمام الإنسان الباحث المثقف، عادةً الأكاديميّون يكونون أوعى من الآخرين، وأدرى في تشخيص بعض المشاكل، فلابدّ أن يكون هناك دور ملقىً على عاتقهم.
إنّ التحديات التي يمرّ بها العراق هي تحدّيات خطرة تهدف الى محاولة تمزيق الأمة، وهذا ليس التمزيق الأوّل، فقد كنّا أمةً واحدةً والآن مُزّقنا، والوضع السياسي أثّر تأثيراً كبيراً في التجزئة، وهناك محاولة جديدة من النظام العالمي ليُجزّأنا الى أجزاء أخرى وخطورة القضية تكمن هنا، وهناك عملٌ دؤوب عليها لإعادة الخارطة مرة ثانية، يعني (سايكس بيكو) أصبحت غير مجدية، طبعاً نحن إذا سكتنا القضية ستتحقّق بالنسبة لهم، وسوف ندفع الثمن مرةً ثانية، المتلقّي العربي المسلم العادي قد لا يلتفت لذلك، لكنّ المثقف الواعي عليه أن يلتفت وأن يقف بوجه هذا التقسيم لأنّه مضعفٌ لنا جميعاً.
هدفُ مثلِ هذه اللقاءات أن تحدث مباحثات جانبية، قد لا تكون لها علاقة بصُلْب المؤتمر ومنهاجه، لكن العلاقات الجانبية تهدف الى وجود المشتركات والتركيز عليها، والتي نتهدّد جميعاً إذا فرّطنا بها، فنحن نتكلّم عن أمةٍ واحدةٍ ومشتركات كثيرة.
عنوان المؤتمر أو مناقشة المفردة والاصطلاح، واقعاً هو من المشاكل الأساسية، يعني هذا العنوان على اختصاره ولكن يمثّل ما تحته مجموعة هائلة من الدراسات، وكلّها ناشئة من تلاعبٍ بمصطلحاتٍ وتطبيقها على بعض الظروف، وعلى الباحث المفكّر أن يتصدّى لها قبل الآخرين، وأن يتنبّه لها قبل الآخرين حتى لا نقع في الخطأ.
الأمر الثاني: أعتقد أنّ ساسة العراق -الكلّ أو البعض- استعجلوا في أخذ حقوقهم بطريقةٍ أصبح الشريك السياسي أشبه بالعدوّ السياسي، وهذه القضية خطرة، العراق الآن جغرافيّته محدودة، كلّ الإخوة في العراق يشعرون بالمظلومية السابقة، وكلٌّ له حقوق، وهذه الحقوق لا تُنكر، لكن فرقٌ بين أن نتوجّه الى مشاكلنا الكبرى ونكرّس طاقاتنا في حلّها ثم نتوجّه للتفاهم فيما بيننا بالجزئيات، وبين أن نشغل أنفسنا بالأخيرة وننسى المشاكل الكبرى والمصيرية، فتضيع الصغيرة والكبيرة!!!
هذه القضية يتحمّلها السياسي بالدرجة الأولى، وأنتم تعلمون كم فضائية لدينا الآن في العراق، الأداء الموجود بها قلّما يتحدّث عن الهمّ العراقي، وإنّما يتحدّث دائماً عن الهمّ الفلاني والهمّ الفلاني الجزئي، فبالنتيجة تشكّلت في العقل الباطن مجموعةٌ من القيم والمفاهيم السياسية أكثر ممّا هي فكرية، فصار الاندفاع سلبياً بسبب هذه القيم، وبدأ العدوّ يقضم منا الكثير الكثير.
وحقيقةً نحن لدينا الآن مخاوف -وهذا الكلام لحضراتكم- يعني هذا الاستهداف الكبير والتحالف الدولي، غير معلوم ما وراءه؟!! القضية لم تحدث في العالم من قبل، إنّ هذا الاستعداء الكبير شيءٌ غريب، حيث تتفاجأ بالأمس، كان هناك عطاء ودفع ودعم لهذه العصابات الإجرامية الداعشية، واليوم يريدون مقاتلتها!!!!
لقد نشأت هذه العصابات بمرأى ومسمع من القوى الكبرى، اليوم تتحوّل الى قضية ثانية، شيءٌ يُلفت النظر، لا نصدّق أنّ هذا يُفعل من أجل العراق!!! نحن لا نسيء الظن ولكن المعطيات الخارجية تشير الى هذا المؤشر، نحن في الحقيقة أمام أزمة، وهذه الأزمة لا نستطيع أن نتخلّص منها في ليلة وضحاها، ولذلك في بعض الإشارات حمّلنا الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان العراق وحكومات المحافظات، باعتبار كلّنا داخل جامع نستظلّ به اسمه (العراق)، لابدّ أن يلتفتوا الى ضخامة القادم، لذلك لابدّ أن نتماسك، والتماسك يعني في هذه المرحلة تفويت الفرصة على الآخرين الذين يكيدون لنا كيداً حثيثاً، وقلّما تجد مؤتمراً يجمع الفرقاء في العراق للحفاظ على مصلحته ككلّ، نعم الأكاديميّ أسرع وأسبق من غيره في فهم ما يُراد، ونحن نحرص حرصاً أكيداً من خلال المرجعية الدينية العُليا على وحدة البلد، وهمُّ المرجعية أن يبقى البلدُ موحّداً ولا يتمزّق، والدولةُ كلّما حلّت المشاكل عن طريق الأكاديميّين، عن طريق الجامعات نحن بخير، وإن شاء الله يكون من خلال حضراتكم التثقيف على وحدة البلد، وحبّ الوطن يحتاج الى تضحيات، والانتماء للبلد، هذه الحالة لو عزّزناها في نفس الطفل والمرأة والشاب، نستطيع أن نواجه الأعداء بقوّة لأنّ عدوّنا ينشط في تمزّقنا.
فيما بيّن أحد الأساتذة ممثَّلاً عن الوفد الضيف: "من خلال الكلمة التي ألقاها سماحته في حفل الافتتاح للمؤتمر، فرحنا جداً من هذا الانفتاح العقلاني، وبهذه العلاقات بين كلّ المكونات العراقية، لأنّنا جميعاً نحتاج اليوم الى توحيد صفوفنا، ونكون كتلة واحدة ضدّ الطغيان، ضدّ الإرهاب الذي يهدّد بلادنا، إنّنا جميعاً مسؤولون في الدفاع عن بلدنا، الإرهاب الذي غزانا، لذلك لابدّ أن نكون يداً واحدةً من أجل طرد هذه الشرذمة الباغية الطاغية، التي تحاول تشويه القيم الإنسانية الحنيفة، وإنّ سماحتكم أثبت الحقيقة، بأنّ هذا الوضع يتطلّب بذل جميع الجهود من أجل جعل العراق عراقاً قوياً، وأنتم رمزٌ لهذا الاتّجاه الذي نجده، بارك الله بجهودكم ونحن نشكركم على هذا اللقاء، ونحن نعتبر هذا الاجتماع اجتماعاً تاريخياً، لأنّنا جئنا كمدراء ومثقفين وأساتذة أكاديميّين، لنتباحث مع أهلنا في الجنوب والوسط".
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: