أكّدت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة أن شريحة الشباب عماد حياة المجتمع والبلاد، داعية الشابّات إلى الاقتداء بسيرة السيدة الزهراء(عليها السلام).
جاء ذلك في كلمة ألقاها الشيخ حسين مناحي ممثّلاً عن العتبة المقدسة في مهرجان الدرّة البيضاء(عليها السلام)، الذي أقيم في جامعة ميسان بالتعاون بين شعبة العلاقات الجامعية والمدرسية في قسم العلاقات العامة ورئاسة الجامعة، لإحياء ذكرى شهادة السيدة الزهراء(عليها السلام) وفقاً للرواية الثانية.
وأدناه نصّ الكلمة:
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز (فِی بُیُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَیُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُ)، ومن هذه البيوت العتبة العباسية المقدسة التي ما زالت تعمل بفيض صاحب الجود أبي الفضل العباس(عليه السلام)، وبإخلاص ملاكاتها المؤمنة التي تأخذ على عاتقها بتوجيهٍ من المتولّي الشرعيّ للعتبة المقدّسة سماحة السيد أحمد الصافي، الذي طالما كان حاثاً على التواصل مع شريحة الشباب بالخصوص، لما لهذه الشريحة من أهمية في المجتمع والبلد ومع الملاكات التدريسية أيضاً، لا سيّما في تعاونهم ودعمهم بالأنشطة والفعّاليات وعمل الورش والندوات، وإقامة المؤتمرات والمهرجانات التي ترفع من مستواهم العلمي، وإثراء الساحة العراقية بالطاقات الشبابية وتحفيزهم وتشجيعهم، وذلك عن طريق العلم والمعرفة والإخلاص لهما؛ والذين بهما تتقدّم الشعوب وتزدهر، هذا الاهتمام بشريحة الشباب يأتي لأنّها عماد الحياة، والاهتمام أيضاً بالعلوم وتطويرها عبر البحوث والمقالات النافعة والعلمية، ومن ضمنها إقامة هذه الأنشطة التي لها مساس بالهوية الإسلامية العراقية، التي من ضمنها العباءة العراقية الفاطمية الزينبية، فأقامت العتبة العباسية المقدسة هذا المهرجان احتفاءً وكذلك تزامناً مع ذكرى رحيل سيدة الطهر والعفاف السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام).
هناك روايات عديدة حول السيدة الزهراء(عليها السلام) نختصرها في رواية عظيمة عن سلمان يقول: إن النبي الأعظم محمداً(صلّى الله عليه وآله) قال له (يا سلمان من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان حبّ فاطمة ينفع في مائة موطن أيسر تلك المواطن الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة)، إذا كانت السيدة الزهراء(عليها السلام) تقف مع المؤمن بهذه المواطن الصعبة التي يحتاجها كلّ إنسان منّا دون العصمة، إذن هذه الأصبوحة في هكذا مدينة عراقية عزيزة وفي هكذا جامعة موقّرة بملاكاتها وبرئاستها تحتفي وتذكّر بالسيدة الزهراء(عليها السلام)، وتدعم الطالبات بهذه الفعّاليات التي تأتي نصرة للدين ونصرة للسيدة الزهراء(عليها السلام).
إن السيدة الزهراء(عليها السلام) عاشت مع النبي(صلّى الله عليه وآله) كالأمّ والمستشارة والممرّضة، فقد شاطرت النبي الأعظم(صلّى الله عليه وآله) أغلب الظروف من مكة حتى المدينة المنورة طيلة عمرها المبارك، فهي قدوة للنساء ليس فقط للمسلمين وإنما سيدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، فالسيدة الزهراء(عليها السلام) كما عن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، أنها حجّة على الأئمة(عليهم السلام) بعلمها وزهدها وطاعتها وحجابها، فقد روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال: إنما سُمّيت فاطمة لأن الخلق فُطِموا عن معرفتها، وفي بعض الروايات أنّها (عليها السلام) فُطِمت من الشر، وفي رواية أخرى أنّها (عليها السلام) فُطِمت وشيعتها ومحبّيها من النار.
إن إحياءنا لمثل هكذا مناسبة وتشجيعنا إنما يدلّ على هذا الأثر العظيم الذي نحصله بالالتزام بالحجاب وباقتدائنا بالسيدة الزهراء(عليها السلام)، وقالت ذات يوم (عليها السلام) الى أحدهم في كلمةٍ لها، "إن كنت تعمل بما أمرناك وتنتهي عمّا زجرناك عنه فأنت من شيعتنا وإلّا فلا"، حينما يقول البعض أنا قلبي مع السيدة الزهراء(عليها السلام) أو امرأة تقول أنا قلبي مع السيدة الزهراء(عليها السلام)، لكن أفعالها ليست مرآة عاكسة إلى تعاليم الزهراء(عليها السلام) وكلماتها وسيرتها، هنا جواب السيدة فاطمة(عليها السلام) تقول (فلا)، إن لم تكن هي آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر فلا تكون من شيعة الأئمة الطاهرين(عليهم السلام).
إن النزعة البشرية في كينونتها وفي فطرتها تميل إلى اتّخاذ القدوة، وما موجود في الشعوب كلٌّ يتّخذ قدوته سواء كان في السياسة أو الرياضة أو في ريادة الأعمال وغيرها من الأمور، وإن الله سبحانه وتعالى أمرنا وأعطانا قدوة وشخصية هي فوق الجميع وحائزة على كلّ الكمالات الدنيوية والأخروية، حيث قال سبحانه وتعالى (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، فهذا الخطاب إنما كان لكلّ المسلمين من النساء والرجال، فلو اقتصرنا فقط على النساء فنقول لهنّ عليكنّ بالاقتداء بسيدة نساء العالمين(عليها السلام) من الأوّلين والآخرين، فحينما تكون هذه المرأة بالفعل قد اقتدت بالسيدة الزهراء(عليها السلام) وأصبحت لها أنموذجاً، إن كانت في بيت أبيها فتنظر إلى سيرة الزهراء(عليها السلام) كيف كانت في بيت أبيها، وقد نجحت حتّى قال عنها النبي الأعظم(صلّى الله عليه وآله)، "أمّ أبيها"، فهي وصلت بها المرتبة من السموّ والكمال بأن تأخذ (عليها السلام) ذلك اللقب العظيم من النبي الأعظم(صلّى الله عليه وآله)، فإذن حينما حازت على هذا اللقب فهلمّ بأنفسكنّ إلى الاقتداء بسيرتها حتى تنجحن بحياتكنّ في الدنيا والآخرة، كما ورد في الروايات "إنّ حبها ينفع في مئة موطن وأيسر هذه المواطن خمسة".
relatedinner
علينا أولاً أن نزيل حجاب الجهل والتعصّب والتخلّف من العقول، وأن نرتدي لباس التقوى والعفاف ثانياً، ففي الجهل نقص وسوء حظ، وفي العفاف كمالٌ وحسن عاقبة، فعلى المرأة بالستر والعفاف، فهو سلاحها ضدّ النفس الأمارة بالسوء والقلوب المريضة، وهو سلاحها ضدّ الشر والعدوان، وضدّ الميوعة والتفكّك الأسري والأخلاقي، فمن تريد النجاح منكنّ في بيت أبيها كانت فعليها بسيرة السيدة الزهراء(عليها السلام)، ومن كانت تريد النجاح في بيت زوجها فعليها أن تقتدي بالزهراء(عليها السلام)، ومن كانت تريد النجاح كأمّ فعليها أن تنظر إلى سلوك وأخلاقيات الزهراء(عليها السلام)، ومن كانت تريد الحياة والآخرة فعليها أن تقتدي بالسيدة الزهراء(عليها السلام).
ها هي العتبة العباسية المقدسة بقسم علاقاتها وشعبة العلاقات الجامعية فيها، تحيي ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) سيدة الطهر والعفاف، حلّت العتبة العباسية على محافظتكم العزيزة وجامعتكم الموقرة تذكّركم بصاحبة الذكرى الأليمة على قلوبنا وقلوبكم، وتهديكم هذا الإرث الديني الأخلاقي الإنساني الأصيل، ألا وهي العباءة الفاطمية الزينبية العراقية.













