من المدن العراقية التي سطّرت أروع صور الدفاع والذّود عن الأرض والعرض واستطاعت أن تقف طوداً شامخاً بوجه العصابات التكفيرية والإرهابية المتمثّلة بعصابات داعش هي مدينة "بلد"، مستلهمين قوّتهم وعزيمتهم من ذلك الرجل الذي ثوى بين جنباتها وهو السيد محمد بن الإمام علي الهادي(عليهما السلام)، حيث ظلّ أهلُها أطفالاً ورجالاً ونساءً بالرغم من محاصرتهم من جميع الجهات واستهدافهم بمختلف أنواع الأعتدة والأسلحة صامدين بوجه تلك الريح النتنة العاتية حتّى منّ اللهُ عليهم بالنصر، والذي تحقّق بجهودهم وجهود القوّات الأمنية وقوّات الحشد الشعبي التي انتفضت لفكّ الحصار عن هذه المدينة، وخلال تلك الفترة -وحالُها حال أيّ منطقة في العراق- كان لعتبات كربلاء المقدّسة وبناءً على توجيهات المرجعية الدينية العُليا دورٌ فاعلٌ ومؤثّر على شتّى الصعد سواءً على الصعيد العسكري من خلال مشاركة القطعات العسكرية كلواء علي الأكبر(عليه السلام) أو فرقة العباس(عليه السلام) القتالية وتقديمهما كوكبةً من الشهداء في المعارك أو عن طريق الدعم اللوجستيّ فضلاً عن شحذ الهمم من خلال خطب صلاة الجمعة أو على صعيد التواجد الميدانيّ.
وكجزءٍ من ردّ هذا الجميل لمرجعيّتهم الرشيدة وعتبات كربلاء المقدّسة قام –البلداويّون- ممثّلين بشيوخ عشائر ووجهاء وقيادات أمنية وحكومة محلّية بالتوجّه الى مدينة الشهادة والفداء كربلاء المقدّسة ليحمدوا الله ويشكروه عند مرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليهما السلام) بأداء ركعتي صلاة الشكر.
انطلق الوفدُ الذي كان مؤلَّفاً من (60) شخصاً تقريباً في مسيرةٍ راجلةٍ انتظم بها وقد طافوا في ساحة بين الحرمين الشريفين وهم يحمدون الله ويشكرونه على هذه النعمة -نعمة الخلاص من شرذمة داعش-، كما كان لهم لقاءٌ مع الأمين العام للعتبة الحسينية المقدّسة سماحة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي استمع من خلاله الى معاناة هذه المدينة الصامدة خلال فترة حصارها، ثمّ استمعوا بدورهم لبعض نصائح وتوجيهات سماحة الشيخ الكربلائي.
قائمّقام قضاء بلد المهندس عامر عبدالهادي بيّن من جانبه: "يتقدّم أهالي بلد ببالغ الشكر والامتنان لكلّ الشرفاء الذين سارعوا بالوقوف معهم في محنتهم وإبراز مظلوميّتهم ومواساتهم على مصيبتهم ودفع الضرّ عنهم وفي مقدّمتهم المرجعيّة الدينيّة العُليا والعتبات المقدّسة، وإنّ قضاء بلد قدّم منذ يوم التاسع من حزيران العام الماضي ولغاية اليوم ما يقرب من (350) شهيداً و(3,000) جريح أثناء مواجهات أبناء القضاء مع الدواعش المجرمين"، موضّحاً: "أنّ جهاد أهالي بلد أوقف زحف الدواعش الجبناء الى بغداد"، داعياً الجهات ذات العلاقة الى صرف رواتب ومساعدات لعوائل الشهداء والجرحى في القضاء، لافتاً الى أنّ القضاء يُعاني من الإهمال الحكوميّ.