نحن في ظرفٍ نريد أن نكون مع الزهراء(عليها السلام)، ولكي نكون معها لابُدّ أن تكون عندنا مقدّمات، جزءٌ منها أن لا يغترّ الإنسانُ بعقله على حساب العقول الأخرى...، هذا ما بيّنه سماحةُ الأمين العام للعتبة العباسية المقدّسة خلال لقائه عدداً من طلبة جامعة بغداد أثناء قيامهم بزيارةٍ لضريح أبي الفضل العباس(عليه السلام) عصر يوم الجمعة (14جمادى الأولى1436هـ) الموافق لـ(6شباط 2015م) في قاعة الإمام الحسن(عليه السلام) للمؤتمرات والندوات في العتبة العباسية المقدسة.
وأضاف: "واقعاً أنا أستثمر حضور أبنائي طلبة الجامعات على اختلاف المراحل لإذكاء دراية يحتاجها هذا الجيل وهذه النشأة، باعتبار هذه الأعمار هي أعمار التفكير وأعمار القوة وأعمار التلقّي، وبالنتيجة هي أعمار بناء الشخصية بالشكل الجيّد، ولابُدّ أن تُبنى هذه الشخصية وفق معايير وهذه المعايير تشترك في صياغتها مجموعةُ قيمٍ ومجموعة مفاهيم ومجموعة شخصيات، من جملة الشخصيات التي تشترك في بناء الشخصية هي الزهراء(عليها السلام) كيف ذلك؟ الأدب يؤخذ من أربابه، كلُّ إنسانٍ عندما يتأدّب بآدابٍ معيّنة لابُدّ أن يكون المؤدِّب حاملاً لمجموعة مفاهيم وقيم تصلح للتأهيل، طبعاً إذا كان الشخصُ المقابل خالياً من هذه القيم ويريد أن يؤدِّب فسيكون نقضاً للغرض لأنّه سيهدم أكثر ممّا يبني".
مُتابعاً: "النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتأدّب بآداب الله تعالى، واستمرّ أدبه الى نهاية حياته الشريفة، حتى قال وهو الصادق الأمين: (أدّبني ربّي فأحسن تأديبي)، والزهراء(عليها السلام) لاشكّ أنّها مؤدّبة، مؤدّبة باعتبار أنّها ورثت وتعلّمت عند مَنْ (لا ينطق عن الهوى) وكانت هي الرضيّةَ الراضيةَ الصدّيقةَ المحدّثة، وتعلّمت الأدب والأخلاق السامية من النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)".
وبيّن السيدُ الصافي: "نحن في ظرفٍ نريد أن نكون مع الزهراء(عليها السلام) لأنّنا إن لم نكن معها فلا فائدة، ولكي نكون مع الزهراء(عليها السلام) لابُدّ أن تكون عندنا مقدِّمات، لذلك جزءٌ من هذه المقدّمات أن لا يغترّ الإنسانُ بعقله على حساب العقول الأخرى، وطلاب الجامعات ولاشكّ كما قُلنا إنّ هذه الأعمار هي أعمار ثورةٍ وعطاء، لكن تبقى هناك مجموعةٌ من الحدود لابُدّ أن ندركها".
مضيفاً: "نحن في زمن الغيبة مأمورون بماذا؟ أن نتبع مراجعنا وعلماءنا، ولذلك.. الدرسُ المستفاد من الزهراء(عليها السلام) هو كيفيّة التعامل مع الحدث في وقت الشدّة، فالإنسان لا يُعرَفُ صبرُهُ إلّا وقت الشدّة، الإنسان إذا لم يجُعْ لا تعرف صبره، إذا لم يخلُ جيبه من المال لا تعرف صبره، لكن إذا فَقَدَ إحدى هذه الأشياء ترى أنّ سلوكه قد تغيّر، فإذا مرّ بحالةٍ من الشدّة إيمانُهُ أيضاً يُمتَحَن، فلا يُكتَشَف الإنسانُ وقت الرّخاء وإنّما يكتشف وقت الشدّة، خصوصاً إذا كانت بعض المواقف الشرعية تُخالف هواه ورغبته، وأيضاً على الإنسان أن يتروّى ويتأمّل فالحقائق أعقد وأعمق ممّا قد يعتقد الإنسانُ أنّه أدركها".
هذا وتخلّلت هذا اللقاء بعضُ الأسئلة والاستفسارات التي وجّهها مجموعة من الطلبة الى سماحة الأمين العام، وقام بدوره بالإجابة عنها وتوضيح ما يلزم توضيحه داعياً لهم بالتوفيق والنجاح في دراستهم، وقد حثّهم على المزيد من المثابرة والجهد لبناء وطنهم.