الى

الدورات القرآنية الصيفية.. مشروع إنارة طريق الفتية ومواجهة التحديات

اختتمت العتبة العباسية المقدسة قبل أيام، مشروع (الدورات القرآنية الصيفية) أحد أهم مشاريع تعليم القاعدة الأولى في بناء المجتمع ورعايتها، الذي أُقيم في 12 محافظة عراقية.

ويستهدف مشروع الدورات القرآنية الذي يُقام للعام الثالث عشر على التوالي في العديد من المحافظات العراقية، الفتية والناشئة ممن تتراوح أعمارهم ما بين 7-15 سنة، في برنامج قرآني وثقافي متنوع على مدى 45 يومًا، يتناول علوم كتاب الله العزيز ونهج أهل البيت (عليهم السلام).

المجمع العلمي للقرآن الكريم في العتبة المقدسة يسعى إلى استثمار أوقات الفراغ لدى التلاميذ بما هو نافع لهم، ومواجهة الأفكار المنحرفة التي تُبث عبر المواقع الإلكترونية والهجمة الفكرية الشرسة التي يتعرض لها المجتمع بهدف طمس الهوية الإسلامية لدى القاعدة الأولى (شريحة الناشئة) عبر بناء مجتمع متماسك ومتمسك بكتاب الله وتعاليم دينه.


بداية المشروع

أطلقت العتبة العباسية مشروعها القرآني منذ ثلاثة عشر عامًا، وشمل في بادئ الأمر عددًا قليلًا من المحافظات ومناطق محدودة، ثم أخذ ينمو سنة تلو الأخرى، عبر شمول مناطق جديدة واستقطاب أعداد أكبر من الطلبة وكذلك الأساتذة، وإدخالهم في ورش ودورات خاصة في كيفية تقديم الدروس القرآنية، حتى وصل المشروع هذا العام إلى 12 محافظة عراقية.

اتساع رقعة المشروع وشموله مدن ومحافظات عديدة واستقطابه عشرات الآلاف من الطلبة في كل عام، يبيّن اتجاه بوصلته حول زيادة الاستثمار في هذه الفئة العمرية؛ بهدف نشر الثقافة القرآنيّة ومدّ الفئات المستهدفة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومذهب أهل البيت (عليهم السلام).


تفاصيل المشروع

مشروع الدورات القرآنية الصيفية يضم في طياته الكثير من التفاصيل من ناحية المواضيع التي تُقدم للتلاميذ، إذ تلقوا دروسًا متنوعة في علوم القرآن الكريم وتعليم القراءة الصحيحة لآياته، لاسيما قصار السور، فضلًا عن الفقه، والعقائد، والسيرة، والأخلاق، إضافةً إلى تعليمهم الآداب العامة والاحترام وغيرها، إذ يسعى المجمع العلمي عبر ذلك إلى تهيئة بيئة قرآنية وحاضنة إسلامية تعمل على صناعة جيل قرآني واعٍ ومتزود بالمفاهيم القرآنية وبمعارف أهل البيت (عليهم السلام).

رئيس المجمع العلمي في العتبة المقدسة الدكتور مشتاق العلي أوضح أنّ "مشروع الدورات يهدف إلى إشغال أوقات التلاميذ والطلبة، بما هو نافع ومفيد في أثناء العطلة الصيفية، وهذا الهدف يُعد أحد الأهداف الكبرى للعتبة العباسية المقدسة، في سبيل تفعيل الثقافة القرآنية وإشاعتها في المجتمع العراقي" مشيرًا إلى أنّه "يُقام في 12 محافظة عراقية".

وأضاف العلي أن "المجمَع العلميّ جهّز المناهج الدراسية المخصّصة وفق برنامجٍ علمي منهجي، بما يتلاءم مع الفائدة والأعمار المستهدفة، فضلاً عن التجهيزات اللوجستية اللازمة، والقرطاسية، والوجبات الغذائية".

معاون رئيس المجمع العلمي الدكتور لواء العطية، بيّن في كلمة له خلال حفل اختتام المشروع أنّ "ثلاثة معاهد للقرآن الكريم أشرفت على إقامة المشروع، هي معاهد كربلاء المقدسة، والنجف الأشرف، وذي قار، وبلغ عدد المستفيدين أكثر من 64 ألف طالب".


اكتشاف المواهب القرآنية وتطويرها

قال المعاون الإداري لرئيس المجمع الدكتور بلاسم الشمري، إنّ "من بين أهداف مشروع الدورات القرآنية الصيفية الأخرى هو اكتشاف المواهب القرآنية والعمل على تطويرها ودعمها ورعايتها".

اكتشاف المواهب القرآنية والطاقات عبر تشكيل المجمع العلمي لجنة متخصّصة تضم مجموعة من الأساتذة، مهمتها إجراء جولات ميدانية في جميع الحسينيات والمساجد المقامة فيها الدورات الصيفية، وفقًا للشمري


إحصائيات خاصة بالمشروع

عدد المحافظات التي شملها المشروع: 12 محافظة

(بغداد- النجف الأشرف- كربلاء المقدسة- الديوانية- واسط- ميسان- كركوك- صلاح الدين- ذي قار- بابل- المثنى- البصرة)

عدد الطلبة المشاركين: 64200 طالب.

عدد الأساتذة الذين قدّموا الدورات القرآنية: 2001 أستاذ.


استثمار التكنولوجيا في متابعة الدورات

أطلق المجمع العلمي للقرآن الكريم تطبيق نافذ البصيرة الإلكتروني الذي يمثل تقدّمًا مهمًا في برنامج الدورات القرآنية الصيفية.

تطبيق نافذ البصيرة يُعد إضافة للأدوات التعليمية التي يستخدمها المجمع العلمي، لتمكين الأساتذة من تبادل الخبرات والأفكار، والتفاعل مع بعضهم بطرائق مبتكرة، كما يعزز من روح الفريق والعمل الجماعي بين الأساتذة.

وقال مدير معهد القرآن الكريم في النجف الأشرف التابع للمجمع المشرف على التطبيق السيد مهند الميالي، إنّ "المجمع أطلق رسميًا تطبيق (نافذ البصيرة)، الذي يمثل تقدمًا وتطورًا ملحوظين ومهمّين في برنامج الدورات القرآنية الصيفية التي تُقام سنويًا".

التطبيق يتمثل بإدارة مشروع الدورات القرآنية الصيفية بشكل دقيق، عبر المتابعة والأرشفة لبيانات الأساتذة والطلبة بشكل مفصّل، فضلًا عن أرشفة بيانات المشروع كافة، وتحليلها بشكل دقيق، لاستكشاف نقاط القوة من أجل التركيز عليها، ومعالجة نقاط الضعف وإيجاد حلول ناجعة لها، وفقًا للميالي.

وأشار الميالي، إلى أنّ "التطبيق سيقدم رؤية إجمالية لإدارة المعهد أو الفرع عن تفاصيل الدورات، كون المشروع يُقام في وقت واحد، وفي أماكن وأقضية ونواحٍ متعددة وبعيدة، قد يدخلها النشاط القرآني لأول مرة، فجاء التطبيق لتسهيل عملية وصول الإدارة إلى بيانات تلك الدورات وتفاصيلها".


تحصين الفتية ومواجهة التحديات

حقق مشروع الدورات القرآنية الصيفية ترحيبًا واسعًا في المناطق التي أُقيم فيها، خصوصًا عند الفئات التربوية والأكاديمية التي اشتركت وأسهمت في تقديم الدروس القرآنية للطلبة، وأكد عدد من المعنيين بالشأن التربوي أنّ "المشروع يُعد مكملًا للعملية التربوية، فهو يجعل التلميذ أكثر استعدادًا للتعلم والاجتهاد، عبر تعليمه السلوك القويم ورفع شأن التعلم في نفسه".

علاء صالح مهدي مواطن من أهالي قضاء الهندية في كربلاء اشترك ثلاثة من أبنائه في المشروع، يصفه بأنّه يساعد في تحصين الفتية وبناء عقائدهم بناءً سليمًا بالعودة إلى كتاب الله وشرائع الدين الإسلامي الحنيف، مؤكدًا أنّ جوانب التعليم وبناء السلوك وإتقان الوضوء والصلاة والدروس الأخرى التي تُلقى في المشروع لها وقع كبير في نفوس المشاركين.

ويوضح أنّ العتبة العباسية المقدسة سبّاقة في تقديم كل ما من شأنه خدمة المجمع العراقي، ورعاية الأجيال، ولديها الكثير من المشاريع الثقافية والتربوية والاجتماعية والتنموية المهمة.

وترى السيدة أمّ علي والدة إحدى المشاركات في دروس الدورات الصيفية أنّ "أهميتها تأتي من دورها في مواجهة الهجمة الثقافية الخطيرة التي يتعرض لها المجتمع، لاسيّما في ظل التطور التكنولوجي وكثرة منصات التواصل الاجتماعي، لافتةً إلى أنّها تُعد استكمالًا للتربية التي تتلقاها البنت في بيتها.


العتبة المقدسة وعبر أقسامها ومراكزها المتعددة تواصل تقديم مختلف الخدمات والرعاية التربوية والدينية التي تُعد اللبنة الأساسية في بناء المجتمعات، عبر مشاريع تعزز الهوية الإسلامية وعلوم أهل البيت (عليهم السلام) ومعارفهم في نفوس الفتية والناشئة.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: