الى

للسنة الحادية والعشرين

وصول نشرة الخميس إلى العدد الألف

أصدرت العتبة العبّاسية المقدّسة العدد 1000 من نشرة الخميس، التي يشرف عليها قسم الشؤون الفكرية والثقافية التابع للعتبة المقدّسة، وهي من أبرز النشرات الثقافية والإعلامية في الساحة الإسلامية، التي انطلقت منذ أكثر من عقدين.

رسالة فكرية وأمانة علمية
انطلقت نشرة الخميس لأوّل مرّة في ربيع الأوّل عام 1426هـ، في وقتٍ كانت الحاجة إلى نشر فكر أهل البيت(عليهم السلام) بأسلوبٍ بسيط ومباشر يتماشى مع متطلّبات العصر، وحرصت العتبة العبّاسية المقدسة، تحت إشراف سماحة السيد أحمد الصافي، المتولّي الشرعي، على تبنّي هذه المبادرة، باعتبارها جزءًا من واجبها في الحفاظ على التراث الإسلامي ونشره.

وفي كلمة له في إحدى المناسبات، أكّد السيد الصافي على أهمية الكتابة والنشر كأداتين رئيستين لنشر الوعي والمعرفة، مشددًا على ضرورة تحفيز الأقلام الحرّة وتحمّل المسؤولية في مواجهة التحدّيات الفكريّة والثقافيّة.

وقال السيد الصافي: "نشهد اليوم أقلاماً حرّة فكرية قويّة ترفد المكتبات الإسلامية بالفكر المهمّ الأصيل الذي تنتجه الحوزة المباركة، وقد وجدنا أنّ النجف تمتلك تراثاً ضخماً جداً، ولا أكون مجازفاً حين أقول: إنّ علماء الطائفة كتبوا في كلِّ شيء له علاقة بهداية الإنسان، سواء كان في التفسير أم الرجال أم الادب أم الفقه، وإنّنا بدأنا نبحث في هذه النفائس حتى تكوّنت عندنا مجموعة مهمّة جداً للكتب النفيسة من المخطوطات، وحرصنا أشدّ الحرص في الحفاظ على هذه المخطوطات وصيانتها وفهرستها، وتقديمها للباحثين والمفكّرين للاستفادة منها".

وأضاف "ينبغي لنا اليوم أن لا نكتفي باستشعار التحدّي، وإنّما لا بدّ من معالجة ذلك، وأعتقد أنّ هناك أقلاماً جيدة، وهي تحتاج إلى استثارة وإلى شعور بالمسؤولية، ومن لديه القدرة والجدارة فليكتب، ونحن نأخذ هذا النتاج ونتبنّى ما بعد الكتابة من طبع ونشر وتوزيع، فإنّنا نشعر بحاجةٍ حقيقية إلى الاستكتاب".



رحلة عطاء لا تنتهي

لم تكن نشرة الخميس مجرّد إصدار أسبوعي فحسب، بل كانت -ولا تزال- منصّةً معرفية متكاملة تقدّم مواد متنوعة تشمل الفكر الديني، الأخلاقي، الاجتماعي، والثقافي، وقد تناولت هذه النشرة مواضيع عديدة بدءًا من التفسير والعقيدة وصولًا إلى القضايا الاجتماعية التي تمسّ حياة الناس، وحرص العاملون على النشرة، برئاسة السيد عقيل الياسري، رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية، على تقديم محتوى هادف ومبسّط يخدم جميع شرائح المجتمع.

وفي مقال نشره بهذه المناسبة، أشار السيد الياسري إلى أن العمل على نشرتي "الخميس" و"الكفيل" يتطلّب الكثير من الجهد والتفاني من قِبل الفريق العامل، الذي كان يخصّص معظم وقته بين البحث، الكتابة، التصميم، التدقيق، والطباعة، وصولًا إلى توزيع آلاف النسخ.

وأضاف "لم يكُن العاملون عليها يحسبون للوقت حساباً، فالعمل بها وبأُختها (نشرة الكفيل) كان يستغرق طوال الأسبوع، بين بحثٍ وكتابة للمواضيع وتصميم وتدقيق ثم الطباعة، التي لم تكن بهذا الشكل، بل كانت على الورق العادي (الأسود والأبيض)، فساعات الطباعة تستغرق (48) ساعة من العمل المتواصل لآلاف النشرات".



نجاح مستمرّ وتأثير واسع

لم يقتصر نجاح نشرتي "الكفيل" و"الخميس" على النطاق المحلّي فحسب، بل أصبحتا رمزًا ثقافيًا تجاوز حدود مدينة كربلاء المقدّسة ليصل إلى المحافظات العراقية المختلفة.

وأكّد الشيخ حسن الجوادي، رئيس تحرير النشرتين، أنّ الإقبال المتزايد على النشرات هو شهادة على التأثير الإيجابي الذي تركته في نفوس الناس، مضيفًا أن النشرتين ساهمتا في توجيه الشباب نحو الفكر الأصيل والقيم الإسلامية الصحيحة.

واستذكر الشيخ الجوادي قصّةً شهدها في أحد المساجد في مدينة المسيب، حيث كان المصلّون يتجمّعون كلّ يوم جمعة للحصول على نسخ من نشرتي "الكفيل" و"الخميس".

وقال: "كان الناس يقفون في طوابير طويلة، ليس للحصول على طعام أو هدايا، بل للحصول على هذه النشرات التي أصبحت مصدرًا مهمًا للتوعية الثقافية والدينية".



نقلة نوعية في الإعلام الإسلامي


يعتبر الأستاذ علي حسين الخبّاز، رئيس تحرير مجلة "صدى الروضتين"، أن النشرتين حقّقتا جماهيريةً واسعة بفضل تنوّع محتواهما وسهولة أسلوبهما.

وأكّد الخباز أن "الخميس" و"الكفيل" أصبحتا جزءًا لا يتجزّأ من حياة الزوار والمتابعين، خصوصًا في فترات الزيارات الدينية التي تشهد توزيع الآلاف من النسخ مجانًا على الزوار.

وأضاف الخباز أن "العتبة العبّاسية المقدّسة شهدت عبر مساراتها ومحطّاتها الثقافية والفكرية انتقالاً كبيراً عن طريق معاينة المنجز الإبداعي منه الأكاديمي النخبوي والجماهيري الشمولي، فامتازت الخميس بقرّاء متابعين يؤسّسون لواقع ثقافي جماهيري، برؤى ملهمة وثقافات متنوعة، من الزوار الكرام والمؤسّسات الدينية والجوامع والحسينيات والمواكب الحسينية".



الألف بداية وليس نهاية

وفي مقالٍ بعنوان "الألف.. بداية وليس نهاية"، أشار الشيخ علي الأسدي، مدير تحرير نشرة "الخميس"، إلى أن العدد الألف يمثل مرحلة جديدة في مسيرة النشرة، وليس نهاية المطاف.

وأضاف أن كلّ عددٍ من هذه الأعداد كان بمثابة لبنة جديدة تضاف إلى هذا الصرح الثقافي، العدد الألف يعني آلاف المقالات والقصص التي شكّلت وعي القراء وأسهمت في بناء مجتمع مثقف وواعٍ.

وأكّد الشيخ الأسدي على أن النشرة ستواصل مسيرتها في تقديم الأفكار الجديدة والمفيدة التي تواكب التطورات المعاصرة، مشددًا على ضرورة التفاعل المستمر مع القرّاء وتلبية احتياجاتهم الفكرية والثقافية.

الوصول إلى العدد الألف هو ثمرة جهود متواصلة من الكتّاب، المحرّرين، المدقّقين، المصمّمين، وكوادر الطباعة والتوزيع، وقرّاء النشرتين كانوا الشركاء الحقيقيّين في هذه المسيرة الطويلة.

هذا الإنجاز لا يمثّل نهاية الرحلة، بل هو بداية مرحلة جديدة من العطاء الفكري والثقافي، الذي يهدف إلى تعزيز القيم الإسلامية وبناء مجتمع مثقف وواعٍ يستند إلى معارف أهل البيت(عليهم السلام).

تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: