الى

الشيخ الكربلائي: إنّ هذا الصراع سوف لا يتوقّف عند هذا الحد بل هو مرشّحٌ للتوسّع أكثر وأكثر وستكتوي بنيرانه تلك الجهاتُ التي تُغذّي وتدعم وتُساند هذا المنهج الظلاميّ الشرير..

الشيخ الكربلائي
شهد حفلُ ختام مهرجان ربيع الشهادة الثقافيّ العالميّ الحادي عشر الذي أُقيم عصر اليوم الثلاثاء (7شعبان 1436هـ) الموافق لـ(26آيار 2015م) في الصحن الحسينيّ الشريف إلقاء عددٍ من الكلمات، استهلّها سماحة الشيخ عبدالمهدي الكربلائيّ بكلمة العتبتين المقدّستين الحسينية والعباسية، والتي بيّن فيها قائلاً بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه ورحّب بضيوف ووفود المهرجان:
"ونحن نُسدل السّتار على آخر صفحةٍ من صفحاتِ هذا المهرجان -مهرجان ربيع الشهادة الثقافيّ العالميّ الحادي عشر- الذي أسعدنا وأتحفنا حضورُكم المبارك فيه، لما أسهمتم به من إثراءٍ وإغناءٍ لأبوابه القرآنية والثقافية والشعرية، ولما أضفتم لمكتبات أهل العلم والمعرفة من حدائق المعرفة المتنوّعة، فكان كلّ ذلك ارتقاءً على سلّم المعرفة والثقافة وعروجاً نحو سماء الرقيّ والكمال الإنسانيّ، ونحن إذ نودّعكم أيّها الإخوة والأخوات عند آخر محطّةٍ من محطّات هذا المهرجان وداعَ من يعزّ عليه فراقُكم بعد استئناسٍ وابتهاجٍ حلّ بساحتنا لحضوركم المبارك، ولكنّ ما يسلّي ويخفّف لوعةَ الفراق أنّ الأمل معقودٌ بأن يتجدّد التلاقي معكم بعد عامنا هذا، ونحن في محطّة الاختتام لهذا المهرجان نودّ أن نبيّن ما يلي:
أوّلاً: بعد أن انجلت غيمةُ الشكّ والتوهّم والريبة وبانت الحقائق بوضوح، وهي طبيعة الصراع الذي تشهده المنطقة في العراق والدّول الإقليمية الأخرى، ولماذا يتركّز الصراع في هذه المنطقة التي تمثّل قلب العالم الإسلاميّ وقوّته الكبيرة بما تملكه شعوبها وأراضيها ودولها من قدراتٍ اقتصاديةٍ وعسكريةٍ وثقافيةٍ وجغرافية، ولماذا تتّسع رقعة الصراع ويشتدّ لتلتهم نيرانُه دولةً بعد أخرى وفي هذه المنطقة بالذات، ومَنْ هي الجهات التي تقف خلف هذا المخطّط وما طبيعة الأهداف التي تسعى هذه الجهات لتحقيقها، ولقد وعى مَنْ له أذنٌ واعية كيف أنّ هذه الجهات استغلّت هذه العصابات التكفيرية –داعش- وقبلها القاعدة ولا نعلم أيّ مسمّى ستخترع للمستقبل هذه الجهات حينما ينتهي دورُ عصابات داعش لتنفيذ هذا المخطّط.
ثانياً: إنّ الصراع الذي اشتدّ في السنين الأخيرة وإنْ كان في ظاهره عسكرياً وسياسياً إلّا أنّ الكثير من جذوره ترجع الى مناشئ فكرية ومعرفية وعقائدية، وما كانت هذه الجهات لتجد ضالّتها في تحويل الصراع العالمي الى صراعٍ داخل الدول الإسلامية لولا أنّها وجدت انحرافاتٍ فكريةً ومعرفية داخل المنظومة الإسلامية الفكرية، لتحوّلها الى صراعٍ سياسيّ وعسكريّ ولقد تجلّى الخطابان والمنهجان المتصارعان منهجٌ يمثّل الظلام والحقد والإقصاء والرفض للآخر مهما كان هذا الآخر واستخدام أبشع الوسائل لقتل الحياة ليس للإنسان فقط بل حتى للحياة في الجمادات حينما تعكس هذه الجمادات ثقافة وحضارة الإنسان".
مُضيفاً: "هذان المنهجان هما منهجُ جاهلية يزيد وأتباعه ومنهج الحسين(عليه السلام) الذي كان وما يزال يمثّل البقاء ونفخ الروح للإسلام المحمدي الذي أراد إماتته الجاهليّون من يزيد وأتباعه، إنّ الذي نريد الوصول اليه أنّنا سبق أن حذّرنا في العراق حيث كان هذا الصراع قد تركّز داخل هذا البلد ودفع شعبُه ضريبةً كبيرة للتصدّي لهذا المنهج الظلامي، حذّرنا من أنّ الصراع سوف لا يقتصر على العراق بل سيمتدّ الى دولٍ وشعوبٍ أخرى ولكن لم يكن إلّا القليل ممّن وعى ذلك وصدّق به، وها هي السنون والأيّام تثبت صدق ذلك التحذير ومن هذا المنبر نقول: إنّ هذا الصراع سوف لا يتوقّف عند هذا الحد بل هو مرشّحٌ للتوسّع أكثر وأكثر وستكتوي بنيرانه تلك الجهات التي تغذّي وتدعم وتساند هذا المنهج الظلاميّ الشرير".

وتابع الشيخ الكربلائي: "إنّ اشتداد وتوسّع رقعة الصراع مع وضوح طبيعة مناشئه وجذوره تقتضي أن نختار أفضل الأساليب وأنجحها لتوعية الآخرين به ألا وهي التعريف والتوضيح لعالمية المبادئ الحسينية، وإنّ أبعاد وآفاق القضيّة الحسينيّة غير ضيّقة ومقصورة على هذه الشعوب والبلدان بل هي تمتدّ في كلّ زوايا الإنسانية، وعلينا أن نخرج الى الفضاء الأوسع والأرحب لهذه القضية الى بقية الشعوب والمجتمعات وثقافاتها المختلفة المتّسعة والمتناغمة مع القضية الحسينية في فطرتها وعقلانيّتها وإنسانيتها".
مضيفاً: "ومن هنا نأمل في كلمة الاختتام هذه من جميع الإخوة الأعزاء لأجل مستقبل هذا المهرجان وغيره أن يكون الطرحُ الثقافيّ والمعرفيّ والشعريّ والكتابة للمقالات والبحوث مركّزة على عالمية هذه المبادئ، ومحاولة التوصّل لبيان عقلانية وفطرية وإنسانية هذه المبادئ لكلّ شعوب العالم، محاولين الابتعاد عن الطرح الذي نحتاج اليه ولكن في ضمن زاويةٍ ضيقةٍ لا لعدم أهمّيتها بل لها الأهمّية ولكن مطلوبيّتها تخصّ شرائح خاصّة ليست ضمن إطار عالمية القضية الحسينية، ونحن بإزاء هذه التحدّيات نحتاج الى التركيز على تلك المبادئ التي تتّسق في فطريّتها وعقلانيّتها مع مبادئ شعوب جميع دول العالم".
واختتم الشيخ الكربلائي: "تتقدّم الأمانتان العامّتان للعتبتين الحسينية والعباسية المقدّستين بشكرها وتقديرها وثنائها الوافر لكلّ الإخوة والأخوات الحضور، وتهدي شكرها وتقديرها لكلّ من ساهم في إنجاح هذا المهرجان من وسائل إعلامية وقنواتٍ فضائية ومؤسّسات الدولة المختلفة، وشكرٌ خاصّ للّجنة التحضيرية للمهرجان ولكلّ اللجان العاملة التي كان دأبُها وهمُّها العمل ليلاً ونهاراً للارتقاء بالمهرجان نحو تحقيق الأهداف المرجوّة وخاصّة ما يتعلّق بمحاور شعار هذا المؤتمر العالميّ الذي ركّز فيه على عالمية هذه المبادئ".
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: