الى

مَنْ أشبهُ الناس خَلْقاً وخُلُقاً ومنطقاً برسول الله(صلى الله عليه وآله)؟..

يُرْوى أنّه تقدّم الى الإمام الحسين(عليه السلام) في معركة عاشوراء واستأذن منه للقتال فأذن له، ثمّ نظر إليه نظرة آيسٍ منه فأرخى عينيه وبكى محترقاً قلبه مُظهِراً حزنه إلى الله تعالى، ورفع وجهه نحو السماء وقال: "اللهمّ اشهد على هؤلاء، فقد بَرَزَ إليهم أشبهُ الناس خَلْقاً وخُلُقاً ومَنْطِقاً برسولك محمد(صلى الله عليه وآله)، وكنّا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيّك نظرنا إليه، اللهمّ امنع عنهم بركاتِ الأرض، وفرّقهم تفريقاً، ومزّقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً ولا تُرضِ الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا يقاتلونا". هذا الشابُّ العلويّ والكوكبُ الدرّيّ من البيت الحسينيّ هو مولانا علي بن الحسين(عليهما السلام) الذي تُصادف يومَ غدٍ الحادي عشر من شهر شعبان المبارك ذكرى ولادته الميمونة.
هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) وكنيته: "أبو الحسن"، وأمّه: ليلى بنت أبي عروة بن مسعود الثقفي، وُلِدَ(عليه السلام) في الحادي عشر من شهر شعبان المعظّم عام (33هـ) واختلف المؤرّخون في عمره الشريف، فقيل (18سنة) وذهب الشيخُ المفيد في الإرشاد إلى أنّ عمره (19سنة) وقيل (25سنة)، فاختُلِفَ نتيجةً لذلك في مسألة أنّه أكبر في العمر أم الإمام السجاد(عليه السلام)، والظاهر أنّ الإمام السجاد(عليه السلام) هو الأكبر كما يذهب إليه المجدّد الشيرازي الثاني.
كان(عليه السلام) جميلاً حسنَ المنظر أشبه الناس برسول الله(صلى الله عليه وآله) خَلْقاً وخُلُقاً ومنطقاً، وشجاعاً لا يهابُ الحروب فقد اكتسب الشجاعة من جدّه أمير المؤمنين(عليه السلام) وكان موصوفاً بجميع المحامد والمحاسن، كما روى أبو الفرج عن المغيرة أنّه قال: قال معاوية: مَنْ أحقّ الناس بهذا الأمر (أي الخلافة)؟ قالوا: أنت، قال: لا. أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، جدّه رسولُ الله(صلى الله عليه وآله) وفيه شجاعةُ بني هاشم وسخاءُ بني أميّة وزهو ثقيف..
ولقّب السيد الشهيد بـ(الأكبر) لكونه أكبر من الإمام زين العابدين(عليه السلام) وقد صرّح بذلك السجّاد(عليه السلام) حين قال له ابن زياد: أليس قتل اللهُ عليّا؟ فقال الإمام: كان أخٌ أكبر منّي، يُسمّى عليّاً فقتلتموه. ولقد وصف السجّاد بالأصغر والشهيد بالأكبر جماعةٌ من المؤرّخين ورجالُ السيرة والمحدّثين.. وكان(سلام الله عليه) كآبائه الطاهرين معروفاً بالزهد والعبادة وقراء الضيف وإطعام المساكين وإكرام الوافدين، وقد بلغ مبلغاً عظيماً في الأخلاق والكرم.
رُوي أنّه لم يبقَ مع الإمام الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء إلّا أهلُ بيته وخاصَّته .فتقدّم عليّ الأكبر(عليه السلام) وكان على فرسٍ له يدعى "الجناح" فاستأذن أبَاه(عليه السلام) في القتال فأذن له، ثُمَّ نظر إليه نظرة آيِسٍ مِنه، وأرخَى عينيه، فَبَكى ثمّ قال: (اللَّهُمَّ كُنْ أنتَ الشَّهيد عَليهم، فَقد بَرَز إليهم غُلامٌ أشبهُ النَّاس خَلْقاً وخُلُقاً ومَنطِقاً برسولك)، فشَدَّ عَليٌّ الأكبر(عليه السلام) عليهم وهو يرتجز ويقول:
أنَا عَليُّ بنُ الحسين بن علي ** نحن وبيت الله أولَـى بِالنَّبي
تالله لا يَحكُمُ فينا ابنُ الدَّعي ** أضرِبُ بالسَّيفِ أحامِي عَن أبي
ضَربَ غُلامٍ هَاشِميٍّ عَلوي
فالسلام عليك يابن رسول الله، السلام عليك يابن نبيّ الله، السلام عليك يابن أمير المؤمنين، السلام عليك يابن الحسين الشهيد، السلام عليك أيّها الشهيد، السلام عليك أيها المظلومُ وابنُ المظلوم، لعن اللهُ أمّةً قتلتك، ولعن اللهُ أمّةً ظلمتك، ولعن اللهُ أمّةً سمعت بذلك فرضيت به..
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: