الى

شبكة الكفيل العالمية تروي القصّة الكاملة للشهيد مصطفى العذاري عن لسان أخيه "رائد"..

رسائل الشهيد
في يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر رجب والموافق لـ(14آيار 2015م) عند الساعة الحادية عشر صباحاً اتّصل الشهيد مصطفى بأخيه رائد وأخبره أنّه تلقّى إصابةً في قدمِهِ اليسرى، وأنّ أفراد القوّة العسكرية التي كان هو من ضمنها قد انسحبوا وبقي هو في دارٍ تقع في قضاء الكرمة منطقة (الروفة) وهو محاصرٌ من قبل الدواعش، أمّا إصابته فقد كانت تهشّماً لعظام القدم اليسرى -على حدّ قوله-.

فما كان من الأخ إلّا أن يقول له: أنا في طريقي إليك، فردّ عليه: لا تأتِ أبداً فالمكانُ خطرٌ للغاية وأنا اتّصلتُ بك لتبلغ سلامي لأبي وأمّي وكلّ أفراد العائلة.

لكنّ رائد لم يقف مكتوف اليدين فذهب إلى تلك المنطقة القريبة من المكان الذي حوصر فيه مصطفى والتقى بالقطعات العسكرية التي كان مصطفى يقاتل معها وهي فوج مغاوير عمليات بغداد، واستفسر عنهم فكان الردّ هناك تعرّضٌ كبير حصل على قطعاتنا واضطررنا إلى الانسحاب، ولم نعلم أنّ مصطفى جريح وبقي في الميدان.

وحين سألهم رائد بعاطفة الأخ: ما هي إجراءاتكم؟ قالوا: لا نستطع الدخول فالمكانُ خطرٌ للغاية ونحتاج للكثير من التحضيرات، فلم يتوقّف رائد عند هذا الحد فذهب إلى قيادة الفرقة الحادية عشر وكان نفسُ الردّ: نحتاج إلى جهدٍ وقوةٍ وإسناد جويّ للدخول، وإنّ أغلب قَطعات الفرقة تُشارك في خطة حماية بغداد خلال زيارة ذكرى شهادة الإمام موسى الكاظم(عليه السلام).

بعدها اتّصل رائد بقيادة عمليات بغداد التي نَفَت بدورها أن يكون ضمن الموقف المرفوع لها أنّ هناك جنديّاً جريحاً ومحاصراً بل هناك عددٌ من الجنود المفقودين في العملية، فعاد مرّةً أخرى إلى آمر الفوج وقال له: كيف يتمّ رفعُ هكذا موقف على أنّ مصطفى مفقود وهو يتّصل بك وتعرف حالته؟؟! فأجابه: إنّ الأمر سيّان مفقودٌ أو محاصرٌ فلن يتغيّر شيء!!.

بعدها سعى الأخ بكلّ جهدٍ وقد أمّن اتّصالاً مع وزير الدفاع العراقيّ الذي أكّد بدوره أنّه خلال ساعات سيتكفّل بالأمر ويحاول إيجاد حلّ، ولكن على أرض الواقع لم يتغيّر شيء فمصطفى محاصر في مكانه، وهذه الإجراءات استمرّت لليوم الثاني (يوم الخميس) والشهيد على تواصلٍ مع أخيه الذي أبلغه أن لا يستخدم الهاتف كثيراً لضمان بقاء الاتّصال وأن يكون التواصل فقط معه ومع آمريه في الجيش.

وبعد هذه المعاناة حصل رائد على نتيجة وهي أنّ آمر الفوج أرسل برقيةً أخرى مفادُها "أنّ أحد الجنود مصاب وهو محاصر" وقد حرص رائد على أن يذكر فيها "أنّ التواصل معه كان من أوّل ساعات محاصرته".

بعدها توجّه رائد مع قوّةٍ من الفوج لا تكفي للعملية ولكنّها محاولةٌ للإنقاذ، فما إن وصلوا على مقربةٍ من المكان حتى انهال عليهم الرّصاص من كلّ جانب.

وفي هذه الأثناء اتّصل مصطفى بأخيه رائد وأخبره أنّ هناك اثنين من عناصر داعش وهو يستطيع الإجهاز عليهم، فردّ رائد: لا تستعجل الأمر وانتظر إلى الليل، واخلع درعك وخوذتك وكلّ ما هو ثقيل وازحف نحو (مبزلٍ) للمياه ونحن سنكون في الجهة الأخرى، وكان هذا المبزل يبعد عن البيت مسافة (200م) وهذا الاتّصال كان يوم الجمعة في الساعة التاسعة ليلاً.

وفي هذه الأثناء ومن خلال أجهزة تنصّت على النداءات بين أفراد التنظيم وردت معلومةٌ مفادُها أنّ داعش تظنّ أنّ عملية تسلّلٍ تجري على قطعاتهم من قوّةٍ عسكرية جاهلين أنّ هناك جنديّاً محاصراً، وبعد فترةٍ جاء نداءٌ آخر مفادُهُ أنّهم قبضوا على جنديّ عراقيّ، فهرع رائد أن يتّصل بأخيه الشهيد مصطفى ولكنّ الجهاز كان مغلقاً وبقي في المكان إلى يوم الثلاثاء، فاتّصل به شخصٌ من جملة الأشخاص الكثيرين الذين يتّصلون للاستفسار ولكنّ هذا المتّصل كان كلامه غريباً بعض الشيء.

فقد أخبر رائد أنّه إنسان مؤمن ويؤمن بقضاء الله وقدره، فتعجّب رائد من كلام المتّصل، فقال له: ما الخبر؟ أنا هنا في الميدان وما من خبرٍ عنه، فقال له: البقاء في حياتك، فردّ: كيف عرفت؟ قال: لقد انتشرت الصور في مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر علمية قتل مصطفى.

فعاد رائد إلى أهله وهو في حيرةٍ كيف ينقل الخبر إلى أهله لكنّ الأعمام والأخوال قالوا: هذا فخرٌ لنا ولكلّ الأجيال بأن يكون أحدٌ منّا قد سقط شهيداً في أرض المعركة دفاعاً عن العراق ومقدّساته، فارفع رأسك وأخبرْ أهلك بكلّ فخرٍ أنّه لحق بالصالحين.

أمّا رائد فهو اليوم في ضيافة العتبة العباسية المقدّسة بعد أن جاء إلى كربلاء على خلفيّة عمليةٍ قامت بها مديريةُ استخبارات محافظة كربلاء المقدّسة استطاعت من خلالها إلقاء القبض على ثلاثةٍ من قاتلي الشهيد رحمه الله، وقد استطاعت من خلاهم معرفة مكان الجثمان وإن شاء الله تعالى سيتمّ جلبُهُ إلى أهله في الأيّام القليلة القادمة.
تعليقات القراء
1 | عبدالعزيز محمود فليح حسن البياتي | 31/05/2015 | العراق
لا اله الا الله ...عجز سياسي كبير(الله واكبر) خادمكم/عبدالعزيز محافظة/ديالى
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: