الى

النص الفائز بالمركز الثاني في مهرجان فتوى الدفاع المقدسة الثقافي السابع.

تلبية لفتوى السماء

تَدْري؟ صَمَتَّ[1]، فقال الناسُ: لا تَدْري

وكُنْتَ بَحْراً سماوِيَّ النَّدى سَمِحاً

جفَّ الغَمَامُ، فَعَلَّمْتَ المدى لُغَةَ

يا سَيِّدَ السِّرِّ: مَنْ يُنْبي طُفُولَتَنا

قُلْ كَيْفَ أَيْنَعْتَ في صَحْراءِ حَيْرَتِنا؟

وكَيْفَ أمْطَرْتَنا فِكْراً، وها عَبَسَتْ

كُنَّا غَفَوْنا عَنِ الأَحْلامِ مُذْ سَرَقوا

قُبْطانَ آهاتِنا : أَبْحِرْ ، نَمَا أُفُقُ

يا نَخْلَةَ العُمْرِ قولي: ما انْتَهى عُمْري

لَنْ تَجْرَحوا الرَّمْلَ، فَهْوَ الآنَ مُنْشَغِلٌ

لي كَرْبَلاءُ، وللخَيْباتِ خَيْبَرُها

لوْ نَازَعَتْنِيَ ريحُ الغَرْبِ أُرْسِلُها

ولا تَقُولي لهذي الأرْضِ: يا بَلَدي

للأَرْضِ رائِحَةُ الأصْلابِ، إنْ نَزَفَتْ

وقيلَ مَرُّوا - رِجالٌ - فانْثَنى وَجَعٌ

داسوا على المَوْتِ والأَقْدارُ في يَدِهِمْ

هُمُ الأَبابيلُ، إمَّا ضَلَّ أَبْرَهَةٌ

وهُمْ صِلابٌ، فُراتيُّونَ قَدْ جُبِلوا

عِطْرُ الكراماتِ مسفوحٌ على وطَنٍ

هُمْ وثبةُ الضَّوءِ لمَّا اللَّيلُ باغَتَهُمْ

مضوا إلى حيثُ كانَ الموتُ مُحتَشِداً

وكانَ فيهِمْ فتًى مِنْ فَرْطِ لَهفَتِهِ

لا يُقْفِرونَ منَ الإيثارِ، أهلُ نَدًى

حَشْدٌ مِنَ الظَّفَرِ المكنونِ في رئةِ

وهُم أفانينُ مَجْدٍ شاهقٍ خَضِلٍ

شَبُّوا على عِزَّةٍ واجَّاذبوا مَطَرَ

أنَا الجَنوبِيُّ، والأقدارُ تَعْرِفُني

كانَتْ شَظَايايَ في الوِدْيانِ مُوْلَعَةً

لمَّا مَرَرْتُ على القِنْدَوْلِ حَمَّلَني

مَضَيْتُ أَحْمِلُ في اليُمْنى مُقاوَمَةً

وريشَةُ الحُبِّ في يُسْرايَ راعِفَةٌ
لَمْ يقْرؤوا صَحْوَةَ المَعْنى على الثَّغْرِ

وقَوْلُكَ الفَصْلُ كالمَرْجانِ في القَعْرِ[2]

الماءِ الفَتِيِّ، فَبَشَّتْ ضِفَّةُ النَّهْرِ

عَنْ ضِحْكَةِ العِيْدِ؟ عَنْ تَعْويذَةِ السِّرِّ؟

وكيْفَ أنْبَأْتَنَا عَنْ مَطْلَعِ الفَجْرِ؟

قَوَافِلُ الغَيْمِ إلا غَيْمَةَ الفِكْرِ

بَحْرَ الحِكَاياتِ لَمْ نَسْأَلْ عَنِ البَحْرِ !

الإشراقِ صُبَّ هُدًى في حلْكَةِ العُمْرِ

أنا ابْنَةُ الشَّمْسِ، لَنْ تَسْتَمْرؤوا تَمْري

بالحُسْنَيَيْنِ: عطاءِ الرُّوحِ والنَّصْرِ

ولَسْتُ أحني وبي بأسُ الأُلى يَسْري

الرِّيحَ العَقيمَ على حَمَّالَةِ الغَدْرِ

إلَّا إِذا اسْتَعَرَتْ جَمْراً على الجَمْرِ!

قيلَ الإباءُ تَنَدَّى، قيلَ: والعَصْرِ

وقِيلَ يَبْتَكِرونَ الوَرْدَ في الوَعْرِ

أَنَّى اسْتَدَاروا فَأنوارُ الهُدى تُثْرِي

راحَتْ تُبَعْثِرُهُ ذَرًّا على القَفْرِ

بالأقحُوانِ فلا تَعجبْ مِنَ العِطْرِ

صيغَتْ مهابَتُهُ بالأذْرُعِ السُّمْرِ

تَوزَّعوا في المدى كالأنْجُمِ الزُّهرِ

مُذْ قالتِ الأرضُ: أجسادُ الأُلَى مَهري

لبَّى النِّداءاتِ مَشنوقاً على الجِسْرِ[3]

حتَّى وَلَوْ لَوَّعتهُمْ طَعنَةُ الفَقْرِ

الأرضِ الشهيدةِ، حُرّاسُ المدى الثَّرِّ

مُخَضَّبٍ بِدمِ العالينَ .. مُخْضَرِّ

المجدِ الأثيلِ وخَطُّوا سورَةَ الدَّهرِ

مُرّاً، وما كُنْتُ أُعْطِيها سِوَى مُرِّي

بالسِّنْدِيانِ، وكنتُ النَّهْرَ إِذْ يَجْري

شَوْكَ الإباءِ، وأشْلاءً مِنَ الزَّهْرِ

وَضِيئَةَ الفِكْرِ، إِرْثاً مِنْ أَبي ذَرِّ

لِتَرْسُمَ المَجْدَ مِنْ جُرْحي على الصَّخْرِ













[1] الخطاب موجّه لصاحب الفتوى المباركة المرجع الأعلى حفظه الله

[2] "فأمّا الزبدُ فيذهبُ جُفاءً وأمّا ما ينفعُ الناس فيمكث في الأرض" الرعد (17)

[3] إشارة إلى الشهيد مصطفى العذاري
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: