الى

النص الفائز بالمركز الثاني في مسابقة مراقي المجتبى الدورة الثالثة

نَفحَةٌ مِن أَريجِ الغَيب

جَرى فَأَدهَشَ... عَذباً مُنعِشاً... وَسَقى

يَسقي الورودَ الحَيارى حُلمَ ضِفَّتِهِ

كَونٌ يَفيضُ حَياةً... مِن جَداوُلِهِ

قَوافِلُ الحُسنِ قد أَمَّت لِساحِلِهِ

حَقيقَةٌ هَطَلَت فَوقَ الغُموضِ سَناً

أَرخى على سَكرَةِ الأَيامِ صَحوَتَها

قَبائِلُ القَمحِ قد لاذَت بِحَضرَتِهِ

وَيَرشفُ الحُبَّ مِن تَرتيلِ تَمرَتِهِ

مَحَطُّ رَحلِ العُلا، وَالجُودُ بُردَتُهُ

بَحرٌ مِنَ الضَّوءِ... ما مِن هالَةٍ ظَمِئَت

وَاستَمرَأَتهُ مَداراتٌ تَهيمُ بِهِ

فَمِن مَعينِ رسولِ اللهِ... مِن فَمِهِ

إِذا مَشى... دَهشَةُ الآفاقِ تَتبَعُهُ

أَمّا إِذا صالَ جيشُ الجَهلِ صَولَتَهُ

لا يَرتَضي لهم عَقلاً يَطيشُ بِهم

أَجرى عُذوبَةَ عِزٍّ في نُفوسِهِمُ

أَرادَها أُمَّةً لا جَدب يَأكُلُها

صَحيحَةً حُرَّةً لا سُقم يَنخرُها

أَرادَها حَيَّةً لا يُستَهانُ بِها

مَضى يُضَمِّخُ في كَفِّ الحسينِ رُؤًى

فَحَرَّضَ الجُودَ - أَنْ يَحكي مَآثِرَهُ

وَضَمَّ مُهجَتَهُ في رَكبِ فِتيَتِهِ

فَتًى بِطَعمِ عَلِيٍّ... سِرُّ نَكهَتِهِ

مِن نُورِ جَدٍّ تُضِيءُ الكَونَ طَلعَتُهُ

وَمِن رَبيبَةِ وَحيٍ زَهرَةٍ... فُطِمَت

مَجَرَّةُ الحُزنِ... كَم مِن كَوكَبٍ نَزَفَتْ

أُمُّ الرسالةِ... كَم ثكلٍ... وَكَم وَجَعٍ

لَمْ تَستَسِغهُ خَفافيشُ الظلامِ وَقَد

وَلَمْ تُطِقهُ الأَفاعي إِذ يَدكُّ بِها

وَقَد حَكى نَعشُهُ الْمَوجوعُ قِصَّتَهُ

يَسمو... وَيَشدو الْمَدى ما طارِئٌ نَعَقا

قد صَيَّرَ الجِبتَ يَجتَرُّ الكُبودَ لَظىً

وَما اشتَفَوا مِن دِماء الوحيِ تَندُبُها

بَل قد تَجَرَّأَ بُؤسُ الغَيِّ يومَ طَغى

فَكَم تَجاسَرَ سَيلُ البُغضِ مُحتَسِياً

لا دين يَمنَعُهم... بَل لا حَياء، وَلا

كَم جَعدَةٍ خُزِيَت، كَم أَشعَثٍ... مَرَقوا

وَحاوَلوا اليومَ عَدْواً... فَانتَخَت نُجُبٌ

فَأَلفُ قاسِمَ بِالفَتوى هَمَوا شُهُباً

يَبقى العراقُ عَلِيَّ الروحِ... رَونَقُهُ
حتى انتَشى الصُّبحُ في الأَرواحِ وَاتَّسَقا

فَاستَعذَبَت فيهِ ذاك الهَمَّ وَالقَلَقا

نَدىً يُزَيِّنُ وَجهَ الشمسِ مُؤتَلِقا

يَهمي الجَمالَ على رُكبانِها غَدَقا

صَبَّ الوُضوحَ على سَبخاتِهِ وَدَقا

يَشقُّ لِلفَجرِ في عَتماتِها طُرُقا

أَسرى الهُيامِ... فَأَمسَت فيمَن انعَتَقا

بابُ اليَتيمِ... وَبَعدُ البابُ ما طُرِقا

الصادقُ الوَعد... قُرآنٌ إِذا نَطَقا

إِلّا استَقَتهُ... وَنُورُ المصطفى اندَفَقا

غَيباً سَقى الأُمنياتِ البِيض وَانطَلَقا

تَرَشَّفَ الهَيبَةَ اللألاءَ وَالخُلُقا

أَنيسُها لَهفَةُ العُشّاقِ وَالرُّفَقا

رَآهُ بِالحِلمِ وَالإِحسانِ مُمتَشِقا

وَلا حياةَ قَطيعٍ كيفَ ما اتَّفَقا

وَعُنفوانَ دِماءٍ تَمْقُتُ الْمَلَقا

وَلا جَبابرَة تَلوي لَها عُنُقا

وَلا يُعَربِدُ في أَحشائِها الطُّلَقا

وَعياً... تُعَبِّدُ مِن آلامِها الأُفُقا

راحَت تَفوحُ جَمالاً كُلَّما انتَشَقا

عَن فارِسِ النهرِ- وَالكّفَّينِ وَالحَدَقا

فَتًى سَميرُ صِباهُ البَذلُ... ما افتَرَقا

ذاكَ الفِداءُ الذي يَزهو بِمَن عَشِقا

وَمِن بَهاءِ أَبٍ نَجمٍ إِذا طَرَقا

على جَنى الْمُنتَهى فَاسّاقَطَت أَلَقا

في غَيهَبٍ بِزَئيرِ الجُرحِ قَد مُحِقا

أَمسى يُهَدهِدُ في أَسحارِها الحُرَقا

رَشَّ الصُّدورَ انكِشافاً أَينَما بَرِقا

جُحُورَها بِشَذاً غَطّى الدُّنى عَبَقا

وَكيفَ ضَجَّ بِهِ التاريخُ وَاختَنَقا

فَكُلَّما حاوَلَتْ غِربانُهُم... سَمَقا

مُنادِماً غُصَّةَ الأَضغانِ وَالأَرَقا

حتى الحجارةُ وَالماءُ الذي شَرِقا

ظَنّاً بِأَن ليس يُبقي لِلهُدى رَمَقا

في كربلاء دَماً للهِ قد هُرِقا

حتى وُجُوه، وَلا ماء لِيَندَلِقا

مِن جعبَةِ الشِّمرِ، بَل كَم مُلجَمٍ مَرَقا

بـ (يا حُسين)... وَكَرَّ الجُرحُ مُستَبِقا

فَزَيَّنَ الأَرضَ وِلدُ المجتبى فِرَقا

دَمُ الحسينِ وَمَن في رَكبِهِ التَحَقا


تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: