أكّدت العتبة العباسية المقدسة، أنّ نشر الثقافة القرآنية ضرورة لمواجهة التحديات المعاصرة وتعزيز تماسك المجتمع.
جاء ذلك في كلمة العتبة المقدسة التي ألقاها رئيس المجمَع العلميّ للقرآن الكريم الدكتور مشتاق العلي في ختام الأنشطة القرآنية الرمضانية لمعهد القرآن الكريم/ فرع بغداد.
وقال العلي في كلمته: إنّ "الأسلوب الرباني في تنقية الخلق قائم على الابتلاءات، وهذه الابتلاءات تتنوع وتختلف من زمن إلى آخر ومن مكان إلى آخر، ولا شك أنّ الفتن التي يشهدها العالم اليوم تُعدّ من أشد ما مرّ على البشرية".
وأضاف "مع بداية تسعينيات القرن الماضي، برز مفهوم العولمة، وبدأ الحديث عن أن العالم أصبح (قرية صغيرة)، في إشارة إلى تقلص الحدود الزمانية والمكانية، إذ بات الإنسان قادرًا على التواصل مع غيره بسهولة بفضل الإنترنت، الذي مكّنه من الوصول إلى أيّ زمان ومكان في ذلك الحين، وكانت لغة الإنترنت تعتمد على نظام (صفر وواحد)، أي مجرد اتصال خطي بسيط، لكن مع تطور التقنية في الألفية الجديدة، وانتقال الإنترنت إلى (صفر اثنين)، تغير المفهوم ليصبح العالم أشبه بـ(فنجان قهوة)، ما يعكس التفاعل المباشر بين الأفراد".
وتابع العلي في كلمته "اليوم لم يَعُد التواصل بحاجة إلى إتقان لغة الآخر، إذ أصبح بإمكان أي شخص استخدام الترجمة الفورية عَبرَ الإنترنت والتواصل مع أي فرد في العالم، وهذا الانفتاح الواسع له تأثير مباشر وكبير في الثقافات والمجتمعات، ما أدى إلى تغيرات جذرية في أساليب التربية والتعامل والتواصل".
وأوضح "نحن بحاجة إلى حلول حقيقية لتجاوز هذه الأزمة، وعند البحث عن الحلول نجد أنّ القرآن الكريم هو المنهج الأسمى القادر على مواجهة هذه التحديات، فالقرآن كتاب لكل زمان ومكان، وعندما يوجهنا الله تعالى إلى حلّ ما، فإنّه يكون الأنسب لكل المشكلات".
وبيّن "من هذا المنطلق حرصت العتبة العباسية المقدسة إلى جانب باقي العتبات المطهرة على تفعيل الثقافة القرآنية بين مختلف فئات المجتمع نظرًا لحاجتنا الماسّة إليها في ظلّ هذه الفتن المتصاعدة، فالقرآن الكريم ليس مجرد منهج لتقويم السلوك، بل هو أسلوب حياة وحل للأزمات والمحن، وعَبرَ تلاوة القرآن وحفظه والتدبّر فيه، نستطيع التصدّي للهجمة التي تستهدف تفكيك الأسر المؤمنة، وفي هذا الإطار، تقدّم العتبة العباسية المقدسة وثائق طمأنة إلى العوائل الكريمة، مؤكّدة أنّ المصلحين لا يقفون مكتوفي الأيدي، بل يسعون جاهدين لحماية المجتمع، وانطلاقًا من أنّ القرآن هو العلاج الأمثل، فإنّ الجهود مستمرة على مدار العام لنشر الثقافة القرآنيّة، ولا سيما في شهر رمضان، الذي هو شهر كتاب الله العزيز".
relatedinner
وذكر "عندما نريد طمأنة الآخرين، نتحدث بلغة الأرقام، ففي العاصمة بغداد، أقام معهد القرآن الكريم التابع للمجمَع العلمي للقرآن الكريم في العتبة العبّاسية المقدّسة 89 ختمة قرآنيّة في شهر رمضان المبارك، شارك فيها 420 قارئًا من مختلف الفئات، ليسوا فقط من المتخصصين في القرآن الكريم، بل من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات وغيرهم، في رسالة تؤكّد أنّ القرآن هو شأن المجتمع بأسره، وكذلك شهدت العاصمة تنظيم العديد من المحافل والندوات والمسابقات في 95 مسجدًا وحسينيّة وجامعة ومؤسّسة قرآنية".
واختتم كلمته بالقول: إنّ "هذه الأرقام هي رسالة طمأنة لأهلنا بأنّ العتبة العباسية المقدسة، إلى جانب باقي العتبات المطهّرة، تعمل بلا كلل لحماية الأسر وتقديم ما يعزز تماسك المجتمع، لكن تحقيق هذه الأهداف لا يتم إلا بوجود أشخاص رساليين يؤمنون بهذه المسؤولية، وحضوركم الكريم في هذا المكان المبارك هو خير دليل على ذلك".