أكدت العتبة العباسية المقدسة، أنّ حفل التكليف الشرعي ليس مجرد نشاط احتفائي، بل شهادة للمكلفات بدخولهن سجل التشريف الإلهي، مشددة على أهميته بترسيخ الحجاب في نفوس النشء الجديد.
جاء ذلك في كلمة العتبة المقدسة التي ألقاها عضو مجلس إدارتها، الدكتور عباس الدده الموسوي، ضمن فعاليات اليوم الثاني من حفل التكليف الشرعي، الذي تنظّمه شعبة الخطابة الحسينية النسوية التابعة لمكتب المتولي الشرعي للشؤون النسوية في العتبة المقدسة، ضمن مشروع الورود الفاطمية بنسخته السابعة، وبالتعاون مع مديرية تربية كربلاء المقدسة، وبمشاركة 5 آلاف تلميذة من 121 مدرسة.
relatedinner
وجاء في نصّ الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)
صدق الله العلي العظيم، والحمد لله بجميع محامده كلها على جميع نعمه كلها، والشكر على أجل النعم وأوفاها وأعلاها، نعمة الإسلام، وأزكى الصلاة وأتم التسليم على سيد من خلق، وصفوة من اصطفى، ليودعه علم ما كان وما يكون إلى انقضاء خلقه، وعلى باب مدينة علمه حبل الله المتين وصراطه المستقيم، وعلى الراسخين في العلم درجات أهل بيته أعلام الدين وقواعد العلم السبيل الواضح إلى الله، والمسلك إلى رضوانه، محال معرفة الله وسدنة رسالته، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
السلام عليك يا بقية الله في أرضه
السلام عليك يا عين الحياة وسفينة النجاة
السلام على صفوة الخلائق أجمعين
والسلام عليكم أيّها الحضور الكريم، ورحمة الله تعالى وبركاته
وبعد:
نلتقي اليوم هنا في هذا المحفل البهيج لنكون شهودًا على بياض أولى صحائف أعمال بناتنا المكلفات، تلك الصفحات التي ندعو الله أن يملأنها في قادم الأعوام بالخير والعمل الصالح.
نقف اليوم لنرى أولى خطوات بناتنا في رحلة المسؤولية والالتزام بتعاليم الله وأحكامه، أمدها الله طولًا وحسنى وفضلًا.
وإذا كانت الصلاة هي العنوان الألصق بالرباط المقدس مع الله سبحانه وتعالى، فإنّ الحجاب هو العنوان الأظهر للالتزام بالتكليف.
وفي كل مرة، تجمعنا مناسبة كهذه، نكرر: أنّ هذا الحفل ليس مجرد نشاط احتفائي فقط، بل هو شهادة منّا لبناتنا المكلفات بأنّهن قد دخلن في سجل التشريف الإلهي، بوصفهن سرايا من بنات التقوى إن شاء الله.
مثلما نؤكد في كل مرة، ونذكّر، بأنّ الحجاب حجابان، ظاهري وهو ما نحتفي بالالتزام به اليوم، وحجاب الباطن، وهو قلبي علينا جميعًا أن نرسخه في نفوس هذا النشء الجديد، وهو منظومة عقدية وسلوكية وشعورية، وبه يتمّ الحجاب الشرعي، ونرتقي بهما معًا إلى مدارك الكمال، لنيل رضا الله (جلّ وعلا).
أيّها الحضور الكريم، لعلّ بنا حاجة أن نخاطب هنا العوائل الكريمة، ولعلّ من النوافل أن نقول لهم، أنّ ثمّة مسؤولية عظمى تجاه الأبناء، وأنّ علينا أن ندرك تمامًا أنّ الأبناء وديعة الله لدينا، وأنّه (جلّ وعلا) سيسألنا حتمًا عن هذه الودائع.
لذلك فنحن نعول كثيرًا على جهد عوائلنا الكريمة في تحويل هذه المناسبة إلى ذكرى طيبة محبّبة يتم استذكارها على نحو يشبه الاحتفال بالولادات.
ففي الرواية عن النبي الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه أنّه قال: (ويلٌ لأولاد آخر الزمان من آبائهم! فقيل له: يا رسول، من آبائهم المشركين؟ فقال: لا، من آبائهم المؤمنين لا يعلّمونهم شيئًا من الفرائض، وإذا تعلّم أولادُهم منعوهم ورضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا، فأنا منهم بريء وهم منّي براء).
ندرك تمامًا أنّ سنّ التكليف مرحلة عمرية يجب على الجميع بدءًا من الأسرة ومرورًا بالبيئة المدرسية والمجتمعية وانتهاء بالمكلفة نفسها، أن يحضروا لها عقليًّا، ويمهدوا لها نفسيًّا، بحيث يزرعوا ذلك الاستعداد العقلي والنفسي، كي تستشعر المكلفة بلذة التشرّف بالتواصل بالذات الإلهية، والتعلّق بساحة قدسه.
أيتها الورود الفاطمية، نبارك لكن دخول عمر التكليف الإلهي، والانضمام إلى موكب النور الملائكي، السائر على خطى السيدة الزهراء (عليها السلام)، في حمل المشروع الإلهي.
اللهم جئناك ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل، وتقبّل منا بقبول حسن وأنبتها نباتًا حسنًا، اللهم تقبّل ما كان منا، لا سيّما ما كان من شعبة الخطابة الحسينية النسوية، في مكتب المتولي الشرعي للشؤون النسوية، وما كان من المديرية العامة لتربية محافظة كربلاء المقدسة، ومن إدارات المدارس.
اللهم واجعل كل ذلك خالصًا لوجهك الكريم
اللهم وفّق بناتنا المكلفات لما تحب وترضى
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.