الى

من حقّنا أن نتظاهر ولكن يجب أن لا ننسى أهل الثغور. قراءة ذهنية للوجوب الكفائي..

يشهد الشارع العراقيّ هذه الفترة حراكاً شعبياً للمطالبة بحقوقه، وقد دعمت المرجعيةُ الدينية العُليا هذا الحراك السلميّ، وفي هذه الفترة سُلّطت الأضواء على هذا الحراك من قبل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وهذا ليس بالأمر الخطأ، ولكن يجب علينا أن لا ننسى أهل الثغور في سوح القتال، فهم بحاجةٍ إلى رفع معنوياتهم وإدامة الزخم وهذا ما أكّدت عليه المرجعيةُ الدينية العُليا في عددٍ من المواقف، لذا تدعو شبكة الكفيل العالمية المؤسّسات الإعلامية والإخوة النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي إلى إدامة الزخم الإعلاميّ لقوّاتنا الأمنية والحشد الشعبي المقدّس.

الوجوب الكفائي والقراءة الذهنية:

كان الوجوبُ الكفائيّ وجوباً معرفياً يقرأ ما يدور في ذهنية الدواعش، فسعى الى خلق التلاحم الفكري مع الواقع واستلهام الجماهير لمعنى هذا التلاحم الحيّ الذي أرعب داعش والقوى المتسلّطة على مضمار المال والسلاح والإرهاب والاقتصاد المدعوم، وصار يُنظر الى المرجعية المباركة كوجودٍ اجتماعيّ سياسيّ فكريّ قادر على إحداث تغييرات جذرية في المجتمع، وقلب المعادلة، بعدما ظنّ الجميع أنّ العراق قد انتهى بالفعل، وما عادت له قوّةٌ قادرةٌ على إعادته الى وضعه الطبيعيّ، ليحمي إنسانه ومقدّساته ودينه القويم، وبعد أن خان أغلبيةُ الجهاز السياسيّ العراق، وسبّب غياب الحرص الوطنيّ على تدمير معنوية الجيش العراقي.

وهذا يعني أنّ الوجوب الكفائي قاتَلَ معنوياً عبر العديد من الجهات بدءً من مواجهة الذات العراقية خائرة القوى في حينها، ومحاربة شياطين اليأس، واستنهاض القوّة والعزيمة والثبات، وهذا الصوت النهضويّ المرجعيّ المتمثّل بنهضوية الإمام الحسين(عليه السلام) لابدّ أن ينتصر لصالح الإنسان، الوطن، الدين... هذا أوّلاً.

وثانياً: تغيير المعنى المستباح للقوّة، فداعش اليوم سقطت إنسانياً ومعنوياً، أسقطتها المرجعيةُ المباركة في شرّ تفكيرها مثلما سقط الوجودُ الأمويّ، بعدما تهيّأ له النصر في كربلاء، وإذا بهذا النصر يُصبح هزيمةً لا تُطاق لوجوده ولتأريخه الأسود.

وثالثاً: استطاع الوجوبُ الكفائيّ فرز الفرق الجوهريّ بين أهل الثبات والأصالة، ويعني من يدّعون الرجولة والبطولة.. فالوجوب الكفائيّ بصوته القويّ استطاع تعرية مجتمعاتٍ بالغت في حجم أصالتها، فأسقط الوجوب الكفائيّ عنها ورقة التوت بعدما باعت أوطانها وأعراضها، وحتى ندمهم الآن ليس بنافع ما دام فيهم الخور نفسه. هبنا -لا سمح الله- خسرنا معركة.. معركتين.. لكنّنا بالتأكيد احتفظنا بقيم وجودنا وإنسانيتنا، وأكّدنا شعار (هيهات منّا الذلة).

رابعاً: استطاع الوجوبُ الكفائي جمع الهويات الحقيقية، ومهما اختلف الانتماء العقائدي بواسطة مكوّنات الحشد الشعبيّ البطلة، فهو لم يكن حشداً شيعياً مهمّته حماية الحدود الشيعية، ولا مكلّفاً بحماية طائفةٍ دون أخرى، وهذا ما أرعب الإعلامَ التجاريّ للكثير من الفضائيات، فهذا الحشدُ ليس مثل الحشد الذي يُطالب بتكوينه بعض شيوخ العشائر ليحمي وجوده العشائري، فإنّ هذا الوجوب الكفائيّ قد وحّد الهويّات ومزّق خرائط التقسيم.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: