ضمن حملة الإعمار المتواصلة والمستمرّة التي تشهدها العتبةُ العباسيةُ المقدّسة، وتواصلاً لمشاريعها العمرانية الداخلية تمّ الانتهاء من ترميم وصيانة أواوين الطابق الأرضي لصحن أبي الفضل العباس(عليه السلام) والذي ينضوي ضمن مشروع توسعة الحرم المقدّس بتسقيف الصحن الشريف وأحد أهمّ الإنهاءات الداخلية له.
وروعي في التصميم والبناء أن تكون الأقواس والإكساء على غرار ما موجود في أواوين الطابق الثاني لخلق حالةٍ من الانسجام المعماريّ وللحفاظ على الطابع الأثريّ والتراثيّ للعتبة المقدّسة, فبعد إنهاء عمل التأسيسات الخاصّة بمنظومات (الكهرباء، الإطفاء، الكاميرات، الصوت، الإنذار) والتي هي جزءٌ من المنظومات التي يتمّ استخدامُها في الصحن الشريف وتوسعته بكثرة, تمّ الشروع بعمليات إكساء الأواوين بمادة (الجص والبياض) لتركيب الكاشي الكربلائيّ وهو من الأعمال التي تحتاج إلى دقّةٍ عاليةٍ ومهارةٍ وخبرةٍ في التنفيذ.
رئيس قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة -وهي الجهة المشرفة على تصميم وتنفيذ المشروع- المهندس ضياء مجيد الصائغ بيّن لشبكة الكفيل: "أنّ مشروع صيانة وتغليف أواوين الطابق الأرضي لصحن أبي الفضل العباس(عليه السلام) هو امتدادٌ لمشروع ترميم وصيانة أواوين العتبة العباسية المقدسة، والتي شملت في مرحلتها الأولى الطابق العلويّ لبناء وتغليف أواوينه وقد تمّ الانتهاء منه قبل أكثر من أربعة سنين، وشمل بناءً كاملاً لأواوين الطابق الثاني على جميع أضلاع السور الأربعة وتغليف واجهات الأواوين والغرف بمقرنصات الكاشي الكربلائي لجميع أقواسها ثمّ غُلّف ما تبقّى منها بالكاشي الكربلائي، ونصب منظومات للإنارة والكاميرات والصوتيات، وربط جميع شبكات الأواوين ضمن منظومةٍ مشتركةٍ في غرفة سيطرةٍ متكاملة، وكان تصميمها وتنفيذها من ناحية النقوش بنفس النسيج المعماري لأواوين الطابق الأرضي".
وتابع الصائغ: "إنّ أعمال صيانة وترميم أواوين الطابق الأرضي البالغ عددها (57إيواناً) كانت على عدة مراحل تضمّنت المرحلة الأولى قلع الكاشي الكربلائي القديم بانتظام ومن ثمّ إخراج الطابوق المستهلك, وبعدها تثبيت الإطار وعمل أقواس متداخلة تُشكّل ما يُسمّى الزخرفة للأواوين وباللّونَيْن الأصفر والأسود, والذي يكونُ شكل التقوّس فيه بعدة أشكال وهو جزءٌ جميل يُعطينا الشكل المعماريّ التراثيّ القديم".
مضيفاً: "إنّ عملية ترميم وصيانة الأواوين الـ(57) في كلّ طابق هي إحدى المراحل المهمّة والأساسية لمشروع توسعة حرم أبي الفضل العباس(عليه السلام) بتسقيف الصحن الشريف، باعتبارها من الواجهات الرئيسية التي تُعطي مظهراً ومنظراً جميلاً وفيها محاكاة للماضي بطريقةٍ حديثةٍ وعصرية، ويتمّ ذلك بتبديله بكاشي كربلائيّ جديد من نفس النوع الذي سيتمّ به تغليف واجهات الأواوين الجديدة، وإنّ مساحة الكاشي الجديد لكلّ أضلع الأواوين تبلغ (10,000م2) للطابقين".
وبيّن الصائغ: "إنّ الكاشي الكربلائيّ المستخدم في عملية التغليف تمّ تصنيعُهُ بمكائن ذات مواصفات خاصة عالية الجودة ومكابس تصل قوّة الضغط فيها إلى (800 طن), ويتميّز كذلك بدقّة حافّاته واستقامتها واستوائية سطوحه الداخلية والخارجية بما يوازي الكاشي السيراميك (الفرفوري) وبأضلاعه المتساوية وزواياه الحادة, وكذلك ثبات الألوان المستعملة فيه ونصوعها إذ أنّ معظم الألوان المستعملة هي الألوان المائية وتمّت إضافة الذهب المستعمل في التعريق -وهو ألماني المنشأ- وبنسبٍ مختلفة تتراوح بين (50%-30%), وقد روعي استخدام نفس الألوان والنقوش الموجودة سابقاً في الأواوين وأعمدة الأقواس، وذلك للحفاظ على تراثها العمراني الذي يمتدّ تاريخه لعدّة قرون, كذلك لتحمّله ومقاومته العالية لأصعب الظروف المناخية وهذه الميزة أفردته وأعطته صفة الاستمرارية والدوام لفترات طويلة تستمر لمئات السنين".