الى

من هو أوّل إمامٍ معصومٍ وُلد من نسل إمامَين معصومَيْن لأبوَيْن علويَّيْن؟..

هو الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين السبط بن علي بن أبي طالب(عليهم الصلاة والسلام)، وهذا نسبه من جهة الأب.

أمّا من جهة الأم، فأمّه هي السيدة الزكية الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم الصلاة والسلام) وتُكنّى "أمّ عبدالله"، وكانت من سيّدات نساء بني هاشم، وكان الإمام زين العابدين(عليه السلام) يسمّيها الصدّيقة ويقول فيها الإمام أبو عبدالله الصادق(عليه السلام): (كانت صدّيقةً لم تدركْ في آل الحسن مثلها)، وحسبها سموّاً أنّها بضعةٌ من ريحانة رسول الله، وأنّها نشأت في بيوت أذن الله أن تُرفعَ ويذكرَ فيها اسمه، ففي حجرها الطاهر تربى الإمام الباقر(عليه السلام).

وُلِدَ الإمام الباقر(عليه السلام) في شهر رجب الأصب عام (57هـ)، وتلقّفه أهلُ البيت بالحبور والسرور، إذ طالما كانوا ينتظرون ولادته التي بشّر بها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل عشرات السنين.

كنيته: (أبو جعفر) ولا كنية له غيرها.. ألقابه الشريفة التي دلّت على ملامح من شخصيته العظيمة، هي: (الأمين، الشبيه -لأنّه كان يشبه جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله)-، الشاكر، الهادي، الصابر، الشاهد، الباقر -وهذا من أكثر ألقابه شيوعاً وانتشاراً-) وقد لُقّب هو وولده الإمام الصادق بـ(الباقرَيْن) كما لُقّبا بـ(الصادقَيْن) من باب التغليب.

وقد عُرِف عهدُ الإمام الباقر(عليه السلام) بكثرة المناظرات والمحاججات والحوارات المفتوحة لأنّ دولة بني أميّة فتحت المجال أمام أهل البدع والمذاهب المنحرفة والاتّجاهات الضالّة والآراء الفاسدة الكاسدة، فقام الإمام الباقر(عليه السلام) باذلاً كلّ جهده بالتصدّي لهذه التيارات المنحرفة عبر وعظهم وإرشادهم وتصحيح أفكارهم وهدايتهم إلى الصراط المستقيم.

وكان الصبرُ والحلمُ من أبرز صفات الإمام أبي جعفر(عليه السلام)، فقد أجمع المؤرّخون على أنّه لم يُسئْ لمن ظلمه واعتدى عليه قطّ، وإنّما كان يقابله بالبرّ والمعروف، ويعامله بالصفح والإحسان، وقد رووا صوراً كثيرةً عن عظيم حلمه، كان منها:

إنّ رجلاً كتابياً هاجم الإمام(عليه السلام) واعتدى عليه، وخاطبه بمرّ القول: (أنت بقر!) فلطف به الإمام وقابله ببسماتٍ طافحة بالمروءة قائلاً: (لا.. أنا باقر)، وراح الرجلُ الكتابيّ يُهاجم الإمام قائلاً: (أنت ابن الطبّاخة!)، فتبسّم الإمام ولم يثره هذا الاعتداء بل قال له: (تلك حرفتها). ولم ينتهِ الكتابيّ عن غيّه إنّما راح يهاجم الإمام قائلاً: (أنت ابن السوداء الزنجية البذيّة!)، فلم يغضب الإمام(عليه السلام) وإنّما قابله باللّطف قائلاً: (إنْ كنتَ صدقتَ غفرَ اللهُ لها، وإنْ كنتَ كذبتَ غفرَ اللهُ لك). فبُهِتَ الكتابيّ، وانبَهَر من أخلاق الإمام(عليه السلام) التي ضارعت أخلاق الأنبياء. فأعلن إسلامه واختار طريق الحقّ.

وتتّفق هذه الأيام مع ذكرى شهادته عليه أفضل الصلاة والسلام في السابع من ذي الحجّة الحرام عام (114هـ)، وكما جرت العادة في مثل هذه المناسبات فقد اتّشحت العتبتان المقدّستان الحسينية والعباسية بالسواد، وإعلان الحزن والحداد لهذا المصاب الجلل.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: