الى

بعد أكثر من نصف قرن على خطّها: العتبةُ العبّاسية المقدّسة تُعيد تحقيق وطباعة موسوعة العلّامة الأوردباديّ..

أحد أجزاء الموسوعة
تمثّل الوثائقُ والمخطوطات صورةً حيّةً وناصعة لنتاجٍ فكريّ في مجالاتٍ متعدّدة وبشتى أصناف الفنون وفروعها، ومنها فكر وتراث أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، ويتفاخر العراق بوجود وثائق ومخطوطات مهمّة ونادرة تعود لحقبٍ زمنية مختلفة ولشخصيّاتٍ بارزة أفنت عمرها من أجل تدوين وتوثيق هذه الكنوز التي عمد وعّاظ السلاطين الى طمس حقائقها وإخفائها بشتّى الطرق والوسائل، ولذلك جاء اهتمام مركز إحياء التراث في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة بجمع ما يستطيع جمعه من هذا التراث الثقافيّ والفكريّ الثرّ والعمل على تحقيقه وإعادة طباعته وجعله في متناول الجميع، وقد قطع في هذا المجال أشواطاً فأنتج عدداً من الكتب ذات المواضيع المختلفة مثل الحديث، والعقائد، والكلام، والأدب، والتاريخ... وغير ذلك مراجعةً وتحقيقاً، مراعياً فيما يُحقّقه ويـنشره، النصوص المتينة والقيّمة والمواكبة لمتطلّبات العصر، ومن جملة ما تمّ تحقيقه وطباعته مؤخّراً في المركز المذكور (موسوعة العلّامة الأوردباديّ).
مسؤول مركز إحياء التراث في المكتبة الأستاذ محمد حسن الوكيل بيّن لشبكة الكفيل: "من يزعمْ أنّ المطبوعات تكفي عن المخطوطات فهذا غير صحيح، ولا يقول ذلك إلّا من ليست له معرفة بتاريخ الأمة، ومصنّفات الأئمّة، وحجم مؤلّفاتهم وكثرتها، فتبقى الكتبُ المخطوطة ميزةً خاصة، يحرص القائمون على شؤون المكتبات على حفظها ورعايتها والعناية بها، ومن المخططوطات التي تمّ الانتهاء من تحقيقها في مركزنا وطباعتها في مطبعة الكفيل مؤخّراً (موسوعة العلّامة الأوردباديّ)".

مضيفاً: "الموسوعةُ تقع في (24) جزءً تقريباً مع الفهارس، وقد تمّ تحقيقُها اعتماداً على نسخة الأصل التي هي بخطّ مؤلِّفها العلّامة الشيخ محمد علي الأوردباديّ المُتوفّى (1380هـ) -رحمه الله-، والموجودة عند المحقّق السيد مهدي الشيرازي -حفظه الله تعالى-. وتضمّ في طيّاتها أجزاءً تشتمل على عناوين مختلفة ومُهمّة منها: أجزاء في تراجم العلماء، علماً أنّ بعضهم ليست له ترجمة في مصادر أُخرى، وكتاب (سبيك النضار في شرح حال المختار)، وكتاب (عليّ وليد الكعبة)، وفصول من حياة أبي الفضل العباس(عليه السلام) وأبناء عقيل، وإجازات روائية، وبحوث إسلامية قرآنية متنوّعة.. الى غير ذلك".
مُبيّناً: "إنّها موسوعةٌ بديعةٌ في تنوّع مواضيعها ومتقنةٌ في حبكة بلاغتها، غنيةٌ في مادّتها العلمية التي لا يستغني أهلُ العلم عنها، وهذا يدلّ على امتلاك مؤلّفها عناصر الإبداع والإجادة من سعة باع، وقوّة إحاطةٍ واطّلاع، وفطنة وذكاء، سخّرها خدمةً للدين والمذهب، وقد قام المحقّق القدير السيد مهدي الشيرازي -حفظه الله وسدّد خطاه- بانتشال ما تناثر منها حفظاً لها من الضياع والاندثار، فأقدم على جمعها وترتيبها وتحقيقها فانياً في ذلك سنواتٍ من عمره المبارك لإعلاء كلمة الحقّ، شكر الله سعيه وضاعف أجره".
واختتم الوكيل: "قُدّمت هذه الموسوعة الى مطبعة دار الكفيل التابعة للعتبة العباسية المقدّسة لطباعتها، وسيتمّ الانتهاء منها قريباً وتصبح جاهزةً للنشر والتوزيع، فقد بذل كادر المطبعة جهوداً استثنائية كبيرة من أجل إخراج هذه التحفة بأجمل وأبهى صورة، وبما يتلاءم وقيمتها لما تحتويه من معلومات جليلة وقيّمة".
الجديرُ بالذكر أنّ الشيخ محمد علي بن محمد قاسم بن محمد تقي بن محمد قاسم الأوردباديّ من الشخصيات اللّامعة، فهو عالمٌ وباحثٌ وأديبٌ ومؤرّخ كتب عدّة رسائل في بحوث لا يخوض فيها غيرُه، فاشتملت على فضلٍ كبير وعلمٍ غزير، واتّسم الشيخ الأوردباديّ بالتقى والورع وقوّة الإيمان. وقد كان متّقد الفهم غزير العلم، ومحلّ ثقةٍ عند المراجع والمجتهدين، فقد أجازوه إجازة اجتهادٍ أمثال الميرزا النائيني والشيخ عبدالكريم الحائري والسيد ميرزا علي الشيرازي والسيد حسن الصدر الكاظمي والسيد عبدالحسين شرف الدين وغيرهم، كما أجازه في رواية الحديث أكثرُ من ستّين علماً من الأعلام في الرواية.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: