الى

إدارتي العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية تتفقدان جرحى وعوائل شهداء تفجيرات الأربعينية لعام 1432هـ وتستمع لقصص عجيبة في الإيثار والشجاعة

جانب من الزيارة
جانب من الزيارة
للوفاء عناوين موسومة على جباه المؤمنين، وللتضحيات صور يرسمها محبو اهل البيت(عليهم السلام) طيلة تلك القرون التي مرة، تقاسوا خلالها أشكال البطش والتعسّف والقتل والتعذيب والتشريد في سبيل قضيتهم الخالدة، وهي حبهم وإتباعهم لآل بيت المصطفى(صلى الله عليه وعليهم أجمعين)، إحياءً لذكراهم وإحيائها بما أمكنهم في كل وقت، مُتحدّين بذلك جور ومنع السلطات المتجلببة بالدين.

وهذه السنة 1432هـ كشّر الشر عن نابيه وشحذ براثنه بأبشع صور عرفها تاريخ الإجرام والإرهاب لمنع هؤلاء الأحبة، أو للحدّ منه ... تكفير وتهجير وتفجير تلقاه هؤلاء المحبين بصدورهم المفعمة بالايمان والحب المحمدي الطاهر، ففي كل تجديد ذكرى لزيارة أربعينية الأمام الحسين عليه السلام، تراهم يزحفون كأنهم السيول الهادرة من كل حدب وصوب قاصدين كربلاء الحسين(عليه السلام) رغم سابق علم ويقين بأن أعدائهم وأعداء آل البيت(عليهم السلام) يتربصون بهم الدوائر، وهذا ما حصل في زيارة الاربعين من هذا العام حيث امتزجت الدماء الطاهرة بتفجيرات، لتكون شاهداً على وحشية وقسوة العدو.

من هنا بادرت إدارتا العتبتين المقدستين في كربلاء المقدسة ومن منطلق واجبها الأخلاقي بإيفاد وفود خاصة لزيارة عوائل الشهداء، وعيادة الجرحى في مستشفيات محافظاتهم, وكانت محطتهم الأولى في محافظة بابل.

فقد تحدث لجريدة صدى الروضتين الصادرة من قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة رئيس قسم الجراحة في مستشفى الحلة أخصائي جراحة الكسور الدكتور نبيل محمد جواد"استقبلنا خلال فترة زيارة الأربعينية لعام 1432هـ 102 جريح وتمت معالجة ما يقارب 80 مصاباً بجروح طفيفة، وأخرجناهم من المستشفى، وبقي الجرحى الذين يحتاجون لعلاج مستمر مثل حالات الحروق, وهناك حالات كسور أبقينا المريض ووضع له بلاتين وما زالوا راقدين في المستشفى ويتلقون العلاج الازم".



وأضاف" قد أجريت لهم عمليات جراحية وكان عددها في اليوم الأول 16 عملية جراحة، ومن ضمنها عمليات تثبيت كسور وعمليات جراحة عامة، منها فتح البطن لإخراج الشظايا وخياطة الأمعاء، ومن ضمن العمليات كان هناك عمليتان جراحة جملة عصبية وهي فتح جمجمة واستخراج شظايا من داخل فجوة الدماغ، ولم تحدث حالات وفاة في المستشفى حتى للمصابين بإصابات بالغة، ولم نحتج ان يُعالجوا خارج البلاد لأن الكادر الطبي متوفر هنا والمستشفى جاهزة بأي وقت لتلقي مثل هذه الحالات، وكان تلقينا للحالات سريع جدا واستوعبنا الجرحى على أتم وجه، ونشكر العتبتين على هذه المبادرة لأنهم دائما سباقين لخدمة الزائرين ولأدامه التواصل معهم ".

كما روى قصة مع التفجير الجريح فاضل حسين حمزة وهو من سكنه محافظة بابل:

"كنا في طريقنا لأداء زيارة الأربعين وكان معي ابني البالغ من العمر 11سنة وعندما حصل الانفجار فقدت الوعي لمدة10دقائق من شدة العصف وبعدها رجع لي وعيي ووجدت دماء على ملابسي وألالم في جسمي وأنا أرى ابني والدماء تملئ ملابسة فتقربت منه وهو لا يتحرك فكنت اضن انه فاقد الوعي فحركته لا يتحرك ولا يتنفس فعرفت انه أستشهد وأنا انظر الى الناس منهم مرمي على الأرض والذي يصرخ من شدة اللام ومنهم يبحث عن ابنه أو أخيه أوزوجته كل هذا وهم يصرخون (لبيك يا حسين) بعدها جاءت سيارات منها إسعاف وبدأت تنقل الشهداء والجرحى وأنا من ضمنهم, وقد تم نقلنا الى مستشفى الحسيني في محافظة كربلاء المقدسة حيث بقينا ساعات ثم نقلنا الى مستشفى الحلة وبعدها وجدت نفسي مصاب بشظايا بجسمي".

وأوضح "من يقول شعار يجب ان يطبقه ونحن دائما نردد ( كل أرواحنا فداءٌ للحسين ) وأنا أقدم نفسي وأبني وكل ما املك من اجل إحياء شعائر أهل البيت (عليه السلام) التي فيها تذكير بتضحيات أهل البيت عليهم السلام التي حفظت الإسلام وأحكامه، وهذه الانفجارات وكل ما يفعله المجرمون لا يستطيعون ان يمنعوا الزائرين من هذه الشعائر... لقد تمنيت أن أكون مع ابني وأنال الشهادة, ونشكر زيارة إدارة العتبات المقدسة لنا التي تزيدنا اعتزازاً بما نحن به مصابون".



وكان شاهد أخر على بطش المجرمين ومدى حقدهم على أتباع أهل البيت عليهم السلام وهو الحاج عوني عبد الأمير الغزالي من محافظة بابل – مدينة الحلة - حي محمد الباقر .

"خرجت انا وزوجتي وأبنائي الثلاثة وابنتي الى كربلاء ولم نأكل ونشرب الماء وعند وصولنا منطقة الدعوم والواقعة على طريق المشاية من جهه مدينة الحلة, فبعد عبور الجسر بمسافة ما حدث الانفجار وأصيبت زوجتي وبدأت اجمع أولادي ثم نضرت الى ابنتي فقلت لها لا تتحركين وبعدها بحثت عن ابني مصطفى فسمعته يصرخ أخي كرار مات فجلبت مصطفى بقرب أمه فسألته عن أخوه فقال انه هناك وكان قريب جدا من الانفجار فوجدته مصاب وبعض من أجزاء رأسه مفقودة جاءت امة وسألتني هل كرار مات قلت نعم فأرادت أن تصرخ قلت لها لا تصرخين نحن ذاهبون للحسين عليه السلام وأنه اختاره لينال الشهادة ومات ولم يشرب الماء ونشكر الله لأنه رزقنا بوسام في الدنيا وهي الجروح، وأبني نال شرف الشهادة، وبعدها نقلنا الى مستشفى الهندية في قضاء الهندية عن طريق سيارات رجال الشرطة، وبعد وصولنا قام الأطباء بمعالجة الجروح، وحقيقة كان الأطباء ذو حس حسيني, ولم يقصروا بأي شيء، فواجروا عملية لابنتي واخرجوا شظايا من قدميها ثم جمعونا بسيارة إسعاف وتم نقلنا الى مستشفى الحلة, وفي الحلة أجريت لابنتي عملية في البطن وأخرجوا باقي الشظايا التي وصلت المعدة وهي تسأل الطبيب هل أستطيع أن أكمل زيارتي وهي لحد الآن لا تعلم بشهادة أخيها، وأنا فخور بشهادة ابني وإصابتي أنا وعائلتي بهذه الجروح، واثناء الفاتحة قلت لزوجتي لا تبكين وتصرخين لأن كرار شهيد عند الله وأنا رفضت أي شخص يقول لي (الباقي في حياتك) كما هو جاري عندما يعزون شخصاً بفقيده, وأريد أن تقولوا لي هنيئاً لك ".



ولعلي داوود والد الشهيد حسين بابل قصة أخرى يقول "الشهيد البالغ من العمر 14 سنة ذهب لزيارة الأربعينية سيرا من محافظة بابل، وإثناء المسير هو وعائلته وما بقارب من 25 شخصاً وكان بقربه ابن خاله البالغ من العمر16سنة - وهو متزوج قبل 6 أشهر - وعند وصولنا الى منطقة الدعوم حصل الانفجار واستشهد ابني وابن خاله ثم وصلنا الخبر فذهبنا الى مستشفى الحسيني في كربلاء المقدسة ووجدنا الجرحى فيه، ومن ضمن المشاركات من أهل المنطقة التي يسكنها الشهيد حسين أن عملوا له يوم تأبيني في موكبهم" .



أما الشهيد علي هادي وأبنه فقد روى ابنه منتظر"كنت اخدم في الموكب في محافظة بابل واتصلوا علي من الهاتف النقال لوالدي وظهر شخص من المستشفى فقال: ان ابوك مصاب وفي حالة خطرة ويجب ان تأتي الى المستشفى في كربلاء فتوجهنا الى هناك، وعند وصولي وجدت أبي وأخي قد استشهدوا وأصابتهم بالرأس، وهذا يزيدني فخراً واعتزازاً بشهادتهم، ونحن سائرون على درب الحسين وسيزيدني ذلك رحمة تنقذني من النار، وأنا أنتظر السنة القادمة لكي أسير واتمنى ان التحق بأبي وأخي".

ويذكر أن الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية لها جولات تفقدية مستمرة طوال العام لمحافظات العراق من الشمال إلى جنوبه, في حالات حصول استشهاد أو جرح المواطنين من عمليات إرهابية, وذلك لتعزيز اللحمة الوطنية من خلال تقديم الهدايا المالية لذوي الجرحى والشهداء.



يذكر أن الطرق المؤدية لكربلاء المقدسة، يسلكها القادمون من أربع اتجاهات، الأول من محافظات البصرة وذي قار والسماوة في الجنوب، والثاني يسلكها القادمون من محافظات واسط وبابل وميسان، والثالث من محافظات النجف الأشرف والقادسية ومدن محافظة كربلاء المقدسة، والرابع من شمال وشمال شرق كربلاء المقدسة في بغداد وديالى وكركوك وأربيل ونينوى وصلاح الدين والسليمانية ودهوك.

وإن الإحصاءات النهائية للزائرين كانت أكثر من 15 مليونا بينهم أكثر من ربع مليون من أكثر من 50 بلداً شاركوا العراقيين إحياء ذكرى أربعينية 1431هـ، واصلوا تدفقهم رغم تحديات الإرهاب التكفيري إلى يوم الأربعين، إلى كربلاء المقدسة.





تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: