الى

العشائر الكربلائية تتقدّمهم عشيرةُ بني أسد تُحيي ذكرى دفن الأجساد الشريفة لشهداء واقعة الطفّ الأليمة..

جانب من الموكب
كعادتها من كلّ عامٍ في الثالث عشر من محرّمٍ الحرام أحيت العشائرُ الكربلائية وفي مقدّمتها عشيرة بني أسد مراسيم دفن الأجساد الطاهرة التي روت أرض كربلاء بدمائها الزكية في الفاجعة الكبرى لمعركة الطف ابتداءً بالإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليهما السلام) وباقي شهداء واقعة الطفّ الخالدة.

حيث شهدت مدينة الشهادة والإخاء كربلاء المقدّسة بعد صلاة ظهر اليوم خروج الآلاف من المعزّين في مواكب صغيرة اجتمعت لتلتحق بموكبٍ عزائيّ كبير هو موكب عزاء بني أسد، وكانت الانطلاقة من مرقد السيد جودة جنوب غرب مركز كربلاء متوجّهاً لشارع قبلة الإمام الحسين(عليه السلام) ليصل الى المرقد الطاهر ومنه عبر ساحة ما بين الحرمين الشريفين ليختتم العزاءُ مسيره عند مرقد قائد جيش الإمام الحسين وحامل لوائه أبي الفضل العباس(عليه السلام).

وهذه الممارسة العزائية هي تخليدٌ لما فعله أجدادُهم من مراسيم دفن الأجساد الطاهرة، بعد بقائها في العراء لثلاثة أيام تصهرها حرارة الشمس المحرقة بعد قطع رؤوسهم الشريفة وأخذها مع السبايا إلى الشام، وترك الأجساد الزاكية دون دفن، ويعتبر هذا اليوم من أهمّ الأيام في نفوس أهالي كربلاء لأنّه يمثّل ذكرى دفن الإمام الحسين(عليه السلام) وجميع من سقط في واقعة الطفّ شهيداً لرفع راية الإسلام ونشر العدل والسلام.

وابتدأ العزاء الذي استمرّ لأربع ساعاتٍ تقريباً بأفواجٍ من النساء المعزّيات اللاتي تقدّمن الموكب وقد لطّخن رؤوسهنّ ووجوههنّ بالتراب، وهي عادةٌ جارية لدى المعزّيات عند فقد أحد أحبّتهنّ، ثم أعقبهنّ بعد ذلك دخولُ أفواجٍ من رجال العشائر يتقدّمهم نعشٌ رمزيّ خاصّ يمثّل نعش سيد الشهداء(عليه السلام) تتبعه جموع المعزّين وأفواجُ التشابيه التي تمثّل قصة (الدفنة) وهم يحملون معهم (المعاول والمساحي والزنابيل والباريات) تعبيراً عن الأدوات التي استُخدِمَت لحفر القبور ودفن الأجسام المطهّرة ولإثارة المشاعر واستذكار الحادثة، معيدين للأذهان ذكرى دفن الأجساد الطاهرة لشهداء يوم عاشوراء، وقد شهد العزاء (ردّات) وشعارات الثبات على الولاء والاستمرار وفق النهج الحسينيّ الذي خطّ منهجه سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) بدمه الطاهر قبل ألف وأربعمائة سنة في كربلاء المقدّسة..

يُذكر أنّ موكب عزاء بني أسد يضمّ مشاركة العديد من العشائر والهيئات التي تأتي من أقضية ونواحي مدينة كربلاء، وكذلك مشاركة الآلاف من النساء المعزّيات اللواتي يخرجن في مواكب ضخمة لتقديم العزاء ومشاركة السيدة الزهراء(عليها السلام) في هذا المصاب الحزين واستذكار مصائب السيدة زينب الكبرى(عليها السلام) كما قالت إحدى الأخوات المعزّيات، الى جانب ذلك قام قسمُ الشعائر والمواكب والهيئات بنشر أفراده مع باقي منتسبي العتبة العباسية المقدّسة لاستقبال هذه المواكب وعمل ممرّات للدخول والخروج بما يحقق انسيابية عالية، كذلك قام عددٌ كبير من أهالي كربلاء والمواكب الحسينية بتهيئة المستلزمات المطلوبة لتأدية هذه المراسيم.

وهكذا ينطوي يومٌ آخر بأحداثه المفجعة التي جسّدتها الملحمة الحسينية المعفّرة بالدم الطاهر لإمامنا الخالد وبمبادئه التي ستبقى مناراً أبديّاً لكلّ الأحرار والمؤمنين في عموم أرجاء المعمورة، وأصبح مرقده الشريف فيما بعد قبلةً للثوّار ومناراً للصالحين.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: