الى

سؤالٌ مهمّ يجيب عنه ممثّلُ المرجعية الدينيّة العُليا سماحة الشيخ عبدالمهدي الكربلائي..

ونحن نعيش أجواء المواساة للنبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) بفاجعة الطفّ الأليمة، تعتري الأنفس عاطفةٌ جيّاشة محاطةٌ بالحسرة والأسى، وقد يتغلّب سلطان العاطفة القلبية على حكم العقل وصوت الشريعة، وهنا ركّزت المرجعيةُ العُليا وعلى لسان ممثّلها سماحة الشيخ عبدالمهدي الكربلائيّ من خلال خطبة صلاة الجمعة التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف يوم (9محرّم الحرام 1437هـ) حيث قال:

"نأتي هنا الى سؤالٍ مهم، أيّها الحسينيّ أيّتها الزينبية: ماذا تريد منّا مدرسةُ عاشوراء؟ وماذا يريد منّا الإمام الحسين(عليه السلام) في هذه المواسم؟ لاشكّ أنّ العاطفة حينما تتصاعد في هذه الأيّام ويتصاعد البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) فإنّنا نبكي لأنّ سيد الأنبياء والمرسلين بكى كثيراً على الإمام الحسين(عليه السلام)، ولأنّ السماوات والأرض والشمس بكت على الإمام الحسين(عليه السلام)، نعم نبكي اقتداءً بسيّد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وبالأئمّة الأطهار(عليهم السلام)، ولكن هل يُريد منّا الإمام الحسين(عليه السلام) البكاء فقط؟ هل أراد الإمام الحسين(عليه السلام) من ثورته ومبادئه وتضحياته أن تكون سطوراً في كتب التاريخ وتتناقلها الألسنةُ على مرّ الأزمنة والعصور ونبكيه في موسم عاشوراء؟ هل أراد منّا الإمام الحسين(عليه السلام)، ذلك فقط؟؟".

مضيفاً: "أيّها الإخوة والأخوات لاشكّ أنّ العاطفة والبكاء أمرٌ مهمٌّ وجوهريّ ومصيريّ في الحفاظ على القضية الحسينية، ما أبقى للقضية الحسينيّة وهجها وتألّقها وديمومتها في ضمير ووجدان الأمّة إلّا هذا البكاءُ ومواسمُ الحزن ومسيرات العزاء الى الإمام الحسين(عليه السلام)، بقيت هذه المدرسةُ حيةً نابضةً في واقعنا من خلال مزج العاطفة والبكاء بمبادئ الإمام الحسين(عليه السلام)، لذلك علينا أن نبكي الإمام الحسين دماءً بدل الدموع، ولكن النبي(صلى الله عليه وآله) والإمام الحسين(عليه السلام) لم يرد منّا فقط أن نبكي وأن تتهيّج عاطفتنا في هذا الموسم، بل أراد منّا أن نحوّل مبادئه وقيمه وسلوكه وأخلاقه وثورته ضدّ الظلم والانحراف والفساد، وأن نبقي هذه المبادئ حيةً معاشةً في واقعنا وفي كلّ زاويةٍ من زوايا حياتنا، حينئذٍ نكون قد التزمنا بهذه الشعائر والتزمنا بمبادئ الإمام الحسين(عليه السلام)".

وتابع: "تعالوا أيّها الإخوة والأخوات لنرى مدى صدقنا في تجسيد هذه الشعائر والمبادئ التي نردّدها دائماً، متى ما حوّلنا هذه الشعارات والمبادئ الى واقعٍ حيٍّ معاشٍ في حياتنا في ثقافتنا في سلوكنا في أخلاقنا في ممارساتنا لدى سياسيّينا لدى مجتمعنا لدى نسائنا لدى رجالنا حينئذٍ نكون صادقين في تجسيد مبادئ عاشوراء، ونكون حينئذٍ قد أرضينا الله تعالى ورسوله والإمام الحسين(عليه السلام) متى ما ابتعدنا عن الازدواجية في أخلاقنا في سلوكنا في ممارستنا في أخلاقنا".

وبيّن الشيخ الكربلائي: "متى لم نعش التناقض في حياتنا بين أخلاق الإمام الحسين ومنهجه ومنهج يزيد وأخلاقه حينئذٍ نكون صادقين، وأمّا إذا كانت لنا ازدواجية وتناقض في ثقافتنا في أخلاقنا في سلوكنا في ممارساتنا، نجمع بين البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) والمشاركة في مواكب العزاء ولكن بعض أخلاقنا وبعض مواقفنا وبعض سلوكنا وبعض ممارساتنا هي أخلاق يزيد وممارسات يزيد، وبعض أفعالنا هي جزءٌ من ظلم وفسق وفجور يزيد"..

مؤكّداً: "الحسينيّ الصادق والزينبية الصادقة هم الذين يبتعدون عن التناقض والازدواجية في الممارسة والأخلاق والسلوك، وإن كانوا يُشاركون من جهةٍ في مراسيم البكاء والعزاء واللطم ولكنّهم يتساهلون ويتهاونون في تطبيق الأحكام الشرعية والالتزام بالعبادات، ويتهاونون في ارتكاب المعاصي والفجور والفسق، حينئذٍ لا نكون حسينيّين صادقين ولا نكون قد أرضينا الله تعالى ورسوله".
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: