الى

العاشر من ربيع الآخر ذكرى رحيلِ بنتِ وليٍّ من أولياء الله وأختِ وليٍّ من أوليائه وعمّةِ وليٍّ من أوليائه..

تمرّ علينا يومَ غدٍ ذكرى أليمةٌ، ففي العاشر من شهر ربيع الآخر من سنة 201هـ في مدينة قم المقدّسة كانت شهادة السيّدة المظلومة فاطمة المعصومة ابنة الإمام موسى بن جعفر(عليهما السلام) وعمرها آنذاك لا يتجاوز الثمانية والعشرين عاماً كما ورد في الروايات، ولم تمرّ عليها في سنين عمرها القصيرة من حياتها إلّا المآسي والأحزان فلم تكد تفتح عينيها على الحياة إلّا رأت أباها في السجن، وكان قد لاقى أشدّ صنوف التعذيب والإرهاب من طغاة الدولة العباسية وتحمّلت هي أيضاً أشدّ الظلم والمضايقات في عهد العباسيّين حالها حال بقيّة آل بيت النبوّة(صلوات الله عليهم).

والسيدة فاطمة المعصومة هي بنتُ وليٍّ من أولياء الله، وأختُ وليٍّ من أوليائه، وعمّةُ وليٍّ من أوليائه، وحظيت برعاية المعصوم واهتمامه وهي أهلٌ لذلك، فبلغت من المنزلة والشأن ما قد عرفت، وسمّيت بـ(المعصومة) لشدّة ورعها وتقواها، وهي أختُ الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، فهما من أمٍّ واحدة هي السيدة (تكْتَم)، وكانت السيدة تكْتَم من أكمل النساء في عقلها ودينها.

ترعرعت في بيت أبيها الإمام الكاظم(عليه السلام) فورثت منه نور أهل البيت(عليهم السلام) وهديهم وعلومهم في العقيدة والعبادة والعفّة والعلم، وعرِّفت على ألسنة الخواصّ بأنّها: كريمة أهل البيت.

رحلت السيّدة المعصومة تقتفي أثر أخيها الرّضا والأمل يحدوها في لقائه حيّاً، لكنّ عناء السفر ومتاعبه الذينِ لم تعهدهما أقعداها عن السير فلزمت فراشها أياماً لإصابتها بالمرض، وقيل: قد دُسّ إليها السمُّ في (ساوة) فمرضت بسبب ذلك، فسألت عن المسافة بین (ساوة) وقم فقیل لها: عشرة فراسخ. فقالت: احملونی إليها، فحملوها إلى قم ونزلت فی دار موسى بن الخزرج بن سعد الأشعريّ.

اتّخذت السيدةُ فاطمة المعصومة من هذه الدار معبداً لها لكي تبتهل إلى الله وتعبده وتناجيه وتشكو إليه آلامها وتستعينه على ما ألمّ بها، فأقامت في الدار (17) يوماً حتى انتقلت إلى جوار ربّها. وذلك في العاشر من ربيع الآخر عام -201- للهجرة.

احتار عليّو القوم في الشخص الذي يُباشر ويتولّى دفن السيدة المعصومة(عليها السلام)، وتبادل الحاضرون الرأي، وبينما هم على هذا الحال إذا براكبين اقتربا إلى محلّ الدفن وعندما وصلا إلى الجسد الشريف للسيّدة نزلا من راحلتهما وصلّا على الجنازة، ثم تولّيا دفن الجسد الطاهر. ومع تعجّب الحاضرين ركبا راحلتهما وابتعدا بسرعة.

فكان لها من الكرامات نصيبٌ وافر، ولا زال حرمها الشريف ملاذاً لذوي الحاجات فتُقضى حاجاتهم، ولذوي الدعوات فتُستجاب دعواتهم، ولذوي الكربات فتُكشف كرباتهم، ولذوي الآمال فتتحقّق آمالُهم، وذلك من آثار التوسّل بها، ووجاهتها عند الله، ولاسيّما عند انسداد أبواب الأسباب الطبيعيّة وتعسّر أو تعذّر الطّرق المألوفة.

ولزيارتها فضلٌ عظيم، حيث قال الإمام الصادق(عليه السلام): ((إنّ لله حرماً وهو مكّة، وإنّ للرسول(صلى الله عليه وآله) حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين(عليه السلام) حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأةٌ من أولادي تُسمّى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنّة)).
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: