الى

قصّةٌ واقعيّة يرويها ممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا في خطبة صلاة الجمعة ويصف بطلها بالأنموذج الرائع الذي نقف له إجلالاً وإعظاماً ونستصغر أنفسنا أمامه..

روى سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي(دام عزّه) خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أُقيمت بإمامته اليوم في الصحن الحسينيّ الشريف قصّةً واقعيّةً حدثت في جبهات القتال ضدّ تنظيم داعش الإرهابي ودعا من خلالها الى استلهام الدروس والعبر منها بقوله: "أقصّ على مسامعكم حكاية رجلٍ من رجال معركة الجهاد للدفاع عن العراق ومقدّساته قد ختم الله تعالى له بالشهادة في سبيله.. تحمل قصّته مبادئ سامية في الجهاد والتضحية والإيثار من أجل هذا الوطن وعزّة أهله، يحسن بنا أن نتوقّف عند تلك المبادئ والقيم لنستلهم منها دروساً لمسيرة حياتنا الحاضرة". وهذا نصّ القصّة:

هو مواطنٌ بسيط لا يملك شيئاً من الدنيا غير زوجةٍ صالحةٍ وثلاثة من الأولاد الصغار ولكنّهم جميعاً مرضى، خرج من داره حاملاً هموماً أثقلت كاهله متوجّها الى ساحات القتال، استوقفه على قارعة الطريق أحد جيرانه الذين عاشروه فعرفوه بدماثة الخلق وحبّ مساعدة الآخرين وقد اعتادوا يومياً سماع فصول الأذان وتراتيل القرآن تصدح بها حنجرته، ودّع جاره موصياً إيّاه بوالديه المسنّين وأطفاله، التفت وراءه وجال ببصره هنا وهناك لم يجد غير مساكن بسيطة متفرّقة شيّدها أصحابها بعرق جبينهم وتراءى له ابنُه الصغير يقف خلف نافذة غرفتهم التي كانت دون زجاج وهو يرمقه بنظرةٍ مُزجت بين ألم الفراق والاعتزاز بأبٍ مثله، تأمّل وجه الولد الصغير مليّاً ليتساءل مع نفسه ماذا لو أصابته أيّام غيابه نوبةُ إغماء نتيجةً لمرضه وهو لم يترك لدى أمّه ما تُراجع به المستشفى وتشتري به الدواء، وأطلّت عليه ابنته الوحيدة وقد اعتلى محيّاها الحزن والوجوم فهي تخفي بيدها ورماً بان في رقبتها لتضخّمٍ في الغدّة الدرقية، وهي بحاجة الى عملية جراحية ولكنّه لا يملك كلفة تلك العملية، وتذكّر طفله الرضيع الراقد في المستشفى ولكنّه منذ أيّام وهو ينتظر أباه ليعود به الى البيت، وقف لدقائق يراجع نفسه ويخيّرها بين رعاية أولاده الثلاثة المرضى وبين تلبية نداء الوطن الذي ينزف من جراحاته ويدعوه للدفاع عنه، أيّهما أهمّ وأكثر إلحاحاً؟

وهنا سمع صوت زوجته الصابرة المؤمنة تقول مستنهضةً لعزيمته وإيمانه: لا تقلق فللأطفال أمّهاتٌ ترعاهم ولابُدّ للوطن من رجالٍ يُدافعون عنه.. تذكّر إمامك الحسين(عليه السلام) هل ترك القتال ليبقى مع ولده العليل زين العابدين(عليه السلام) في خيمته؟ وهل تركه لأجل ريحانة فؤاده (فاطمة)؟ لقد ترك الإمام الحسين(عليه السلام) لمحبّيه درساً ما بعده من درس في هجرة الأهل والأحباب تلبيةً لنداء الواجب.

اذهبْ يا زوجي الى الجبهة ولا يهمّك ما يعانيه أطفالك من أمراض.. أين هي من أمراضٍ أصابت ضمائر مَن ائتُمِنُوا على أرض العراق وثرواته وشعبه فخانوا الأمانة وخذلوا الشعب؟.. اذهب وناصر إخوتك المجاهدين لتمنعوا الإرهابيّين الأشرار من أن يدنّسوا مقدّساتنا وينتهكوا أعراضنا، إنّ جهودكم وتضحياتكم هي التي ترسم مستقبلنا بالعزّ والكرامة وتمنحنا الأمن والأمان وتوقف المجازر التي أزهقت فيها آلاف الأرواح البريئة ومنها أرواح مئات الأطفال ممّن هم بأعمار أطفالك الثلاثة..

لقد سارع هذا البطل الى ساحات الجهاد حتى نال بعد أيام من القتال الضاري مع عصابات داعش وسام الشرف والعزّة والكرامة -وسام الشهادة- تاركاً وراءه زوجةً مؤمنةً صابرةً وأطفالاً ثلاثة مرضى مستخلفاً الله تعالى عليهم لتقرّ عينه بلُقياهم في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر..

وبيّن الشيخ عبد المهدي الكربلائي: أنّ هذه قصّةُ شهيدٍ من الشهداء الكرام تحمل أنبل معاني التضحية والإيثار والصبر والترفّع عن الدنيا وزينتها، هو مواطنٌ عاديّ لم يحصل في هذا الوطن ومن حكومته على الحدّ الأدنى من مستلزمات العيش الكريم.. لم يُمنح حتى ما يوفّر به العلاج لأولاده المرضى ولكن لم يمنعه ذلك من تلبية نداء الدين والوطن، فترك زوجته وصبيته تحت رعاية الله تعالى ولطفه ومضى باذلاً مهجته ليصون وطنه ومقدّساته وأعراض مواطنيه..

ليُبيّن بعد ذلك الشيخ الكربلائي: "إنّنا نستصغر أنفسنا ونشعر بالخجل أمام هذه النماذج الرائعة من العراقيّين الذين بلغوا القمّة في إيمانهم وإخلاصهم وتضحيتهم، ونقف لهم إجلالاً وإعظاماً وهم أهلٌ ليكونوا قدوةً وأسوةً لنا جميعاً..".
تعليقات القراء
19 | مرتضى | 30/07/2016 | العراق
فعلا قصة رجل عظيم وزوجة عظيمة ,يتظائل قدر كل شخص منا امامها , فعلا يشبهون ابطال الطف الذين ضحوا بانفسهم فداء للحسين عليه السلام.
18 | علاء | 29/07/2016 | العراق
ذهب حياء هولاء الساسة وذهبت غيريتهم واصبحوا صم بكم لايفقهون
17 | خلود | 29/07/2016 | العراق
تفرج ياعراق ما دام فيك مثل هكذا رجال الله ينتقم بكل من يريد بهذا البلد سوء
16 | احمد | 29/07/2016 | العراق
نطالب الخيرين من ابناء العراق ان يمدوا يد المساعدة لهذه العائلة الكريمة وامثالهم
15 | شيماء | 29/07/2016 | لبنان
يامن تسلطم على رقاب اهل العراق سوف تسئلون وتطول وقفتكم بين يدي الله تعالى
14 | سناء | 29/07/2016 | عُمان
اطمئنوا يا اهل العراق ولاتهنوا وتحزنوا وانتم الأعلون
13 | علاء | 29/07/2016 | سوريا
بكل تأكيد قال الشهيد قبل نيله الشهادة "ياليتنا كنا معكم سادتي فنفوز فوزا عظيما
12 | احسان | 29/07/2016 | العراق
يفترض بكل واحد من المجتمع ان ينصت لضميره فهو لا يموت و دائماً ناطق بالحق ، و يضع هذا الانموذج نصب عينه اذا ما اراد ان ينظر الى اسمى معاني حب الانتماء الى الوطن.
11 | هشام | 29/07/2016 | ايران
بأي وجه ستقابلون الله ياساسة العراق وقد طرحت والقيت عليكم جميع هذه الدلائل والحجج
10 | اسماء | 29/07/2016 | اليمن
اطمئنوا يا اهل العراق ما دام فيكم هذه ارجال وقيادة مرجعية حكيمة
9 | بلقيس | 29/07/2016 | المملكة العربية السعودية
الا يخجل المسؤولون العراقييون من اعلى منصب في الدولة والى اصغرهم من هذه القصة ؟.
8 | نهى | 29/07/2016 | الإمارات العربيّة المتّحدة
هل يعقل كل هذه الخطابات والساسة العراقين لايفقهوا عجبا؟
7 | بشار | 29/07/2016 | المغرب
فتوى مقدسة ورجال اشاوس يصنع نصر ويبنى تأريخ
6 | باسم | 29/07/2016 | الكويت
مع كل الأسف هولاء الرجال سلط عليهم اشباهم لكن لاتهنوا مادام وكيل امامكم رضى عنكم
5 | عبد الله | 29/07/2016 | السودان
هذه القصة ولا حتى في الأفلام كم انت كبير ياعراق حماك الله رعاك
4 | محسن | 29/07/2016 | الجزائر
بطل من ابطال العراق هنيا له الشهادة
3 | قاسم | 29/07/2016 | البحرين
نقطة حياء وذهبت من جبين هولاء
2 | احمد | 29/07/2016 | الأردن
لاحياة لمن تنادي
1 | عادل المهندس | 29/07/2016 | Sweden
الا يخجل المسؤولون العراقييون من اعلى منصب في الدولة والى اصغرهم من هذه القصة ؟... هل يسأل احدهم عن عائلته واين وصل بهم المطاف ؟... بكل تأكيد قال الشهيد قبل نيله الشهادة "ياليتنا كنا معكم سادتي فنفوز فوزا عظيما "، المسؤولون مشغولون في امتيازاتهم وايفاداتهم وحساباتهم في البنوك واملاكهم الذين استولوا عليها من اموال العراقيين الفقراء ... نطالب الخيرين من ابناء العراق ان يمدوا يد المساعدة لهذه العائلة الكريمة وامثالهم ومطالبة المرجعية بنشر رقم تلفون هذه العائلة كي نساعدهم على الفور لان طريق الحكومة الى الشعب طويــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل ولكن الطريق مباشر من الحكومة للمسؤولين وبلمح البصر ...
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: