كان نزول الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء مع أهل بيته وأصحابه في الثاني من المحرّم سنة إحدى وستّين للهجرة، وقد عبّر الإمام الحسين(عليه السلام) عن معرفته العميقة بالأرض والتاريخ، حيث قال: ((إنزلوا.. هنا مناخ ركابنا، ها هنا تُسفك دماؤنا، ها هنا والله تُهتك حريمنا، ها هنا والله تُقتل رجالنا، ها هنا والله تُذبح أطفالنا، ها هنا والله تُزار قبورنا، وبهذه التربة وعدني جدّي رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا خُلف لقوله)).
ثمّ نزل عن فرسه، وضُربت خيمةٌ لأهله وبنيه، وضرب عشيرته خيامهم من حول خيمته، ثمّ بقيّة الأنصار، فجمع (عليه السلام) ولده وإخوته وأهل بيته ونظر إليهم وقال: ((اللهمّ إنّا عترة نبيّك محمّد قد أُخرِجنا وطُرِدنا وأُزعِجنا عن حرم جدّنا، وتعدّت بنو أُميّة علينا، اللهمّ فخذ لنا بحقّنا وانصرنا على القوم الظالمين)).
ثمّ جمع أصحابه وأنصاره خاطباً فيهم فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّدٍ وآله وقال: ((أمّا بعد، فقد نزل من الأمر ما قد ترون، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت، وأدبر معروفها، ولَم يبقَ منها إلّا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون إلى الحقّ لا يُعمَل به وإلى الباطل لا يُتَناهى عنه؟! ليرغب المؤمن في لقاء الله، فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادةً والحياة مع الظالمين إلاّ برماً)). وقال أيضاً: ((...النّاس عبيد الدنيا، والدين لَعِقٌ على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا مُحِّصوا بالبلاء قلّ الديّانون)).