الى

النموذج النسويّ في المعسكر الحسينيّ: نساءٌ آثرن طاعة المعصوم على محبّة الولد والزوج -أمّ وهب النصرانيّة وزوجة ابنها أنموذجاً-..

أمّ وهب بن حباب الكلبي، وقيل: أمّ وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي، المرأة التي آمنت وضحّت، وقد كانت وابنها وهب على الديانة النصرانيّة، ولم يعرفا عن الإسلام ما يجعلهما يفكّران بجدّ في التحوّل عن معتقدهما، ولكنّ القدر لعب دوراً بذلك، فقد قدّر لهما أن ينزلا في مكانٍ سبقهم الإمام الحسين(عليه السلام) اليه، فوقعت هيبةُ الإمام الحسين(سلام الله عليه) في نفس وهب وأمّه وأخذت منهما مأخذاً عظيماً.
فدخل نور الهداية قلبهما بعد أن تحدّثا للإمام الحسين(عليه السلام)، وبعد أن علما أنّه نهض لإحقاق الحقّ وإزهاق الباطل، فقرّرا الالتحاق به، فلمّا وقعت واقعة الطفّ كان دور الأمّ دوراً مشرّفاً، فقد وقفت موقف الأمّ التي تشجّع ولدها على القتال لتقدّمه شهيداً بعد أيّام من إسلامها بين يدي ابن صاحب الرسالة، ولم تكتفِ بذلك بل بعد استشهاده أخذت بيدها عمود الخيمة، وأخذت تُدافع عن الحسين وآله(عليهم السلام).
فلمّا شاهدها الإمام (عليه السلام) سارع الى إرجاعها الى الخيمة معلّماً إيّاها أنّ الجهاد قد وجب على الرجال دون النساء ووعدها بالجنّة وضمن لها ذلك، أي أنّها ضمنت الجنّة بعد ثلاثة عشر يوماً فقط من إسلامها، فضربت بذلك مثلاً للنساء المواليات الصابرات المؤمنات اللّاتي حضرن في كربلاء عازماتٍ على المواساة، غير راضية إلّا بقتل فلذّة كبدها وقرّة عينها ولدها وهب بين يدي إمامه(عليه السلام).
أما زوجة وهب فكانت مثال المرأة المجاهدة، فقد نزلت بعد استشهاد زوجها حاملةً عموداً بيدها، تدافع عن عقيدتها ودينها، فأرجعها الإمام الحسين(عليه السلام) ودعا لها، وكانت قد منعته في بداية القتال من النزول الى ساحة الوغى -على اعتبار أنّهما كانا عروسين حديثين– ويُقال إنّ وهباً لما خرج للقتال، وأحسن في الجلاد وبالغ في الجهاد، وكانت معه امرأته وأمّه فرجع إليهما، وقال: يا أمّاه أرضيتِ أم لا؟، فقالت الأمّ: ما رضيت حتى تُقتل بين يدي الإمام الحسين(عليه السلام).
وقالت امرأته: باللّه عليك لا تفجعني بنفسك، فقالت له أمّه: يا بني اعزبْ عن قولها، وارجعْ فقاتل بين يدي ابن بنت نبيّك تنلْ شفاعة جدّه يوم القيامة.
فرجع، فلم يزل يقاتل حتى قُطعت يداه، فأخذت امرأتُه عموداً فأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمّي قاتلْ دون الطيّبين حرم رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلم) ، فأقبل كي يردّها مع النساء، فأخذت تجاذب ثوبه، وقالت : لن أعود دون أن أموت معك، فقال الحسين(عليه السلام): (جزيتم من أهل بيتٍ خيراً، ارجعي الى النساء رحمك الله).
ويرى صاحبُ البحار أنّ وهباً قَتَل من معسكر عمر بن سعد أربعةً وعشرين راجلاً، واثني عشر فارساً، ثمّ أُخذ أسيراً لابن سعد فقال له: ما أشدّ صولتك؟ ثم أمر بضرب عنقه، ورُمِي برأسه الى معسكر الحسين(عليه السلام)، فأخذت أمّه رأسه فقبّلته ثمّ رمت بالرأس الى معسكر ابن سعد فأصابت به رجلاً فقتلته، ثمّ حملت بعمود الفسطاط، فقتلت رجلين.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: