الى

من بين مرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العبّاس(عليهما السلام) تمتدّ أطول سفرة للمواساة وقضاء الحوائج باسم السيّدة رقيّة(سلام الله عليها)..

تركت شهادةُ السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين(عليهما السلام) أثراً بليغاً في نفوس محبّي وأتباع أهل البيت(عليهم السلام) حالُها حال بقيّة الجرائم التي ارتكبتها العصاباتُ الأمويّة بحقّ أهل بيت النبوّة(عليهم السلام)، ولاستذكار هذه الحادثة الأليمة ومواساةً للإمام الحسين(عليه السلام) وتعزيته بهذا المصاب أُقيمت مساء اليوم الجمعة (3صفر 1438هـ) الموافق لـ(4تشرين الثاني 2016م) أطول سفرة للمواساة وطلب الحوائج، وَسَمَها المحبّون والمعزّون باسم السيّدة الشهيدة رقيّة(عليها السلام) التي وافاها الأجل مظلومةً حزينةً في خربة الشام وهي تحتضن رأس أبيها الإمام الحسين(عليه السلام) وذلك في الخامس من شهر صفر.

استُهِلَّت هذه المراسيمُ العزائيّة التي تُقام للسنة الثالثة على التوالي تحت إشراف منتدى خَدَمَة السيّدة رقيّة(عليها السلام) والتي دأب على إقامتها أهالي محافظة كربلاء المقدّسة ويُشاركهم فيها زائرو المرقدين الطاهرين بتلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم بصوت القارئ الحاج مصطفى الصرّاف وزيارة السيّدة رقيّة(عليها السلام) التي تلاها محمد رضا، ثمّ أُلقيت محاضرةٌ للسيد مضر القزويني تعرّض فيها لذكر مصائب أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) وما جرى عليهم من ظلمٍ وجورٍ على مدى العصور، الذي وصل حتّى الى صغارهم ومنهم صاحبة هذه الذكرى الأليمة، ثمّ عرّج السيّد القزويني بمحاضرته على مسيرة سبي أهل بيت الرسالة بعد واقعة الطفّ وما وقع عليهم خلال مسيرتهم في البلدان ومنها الشام التي تركت أثراً كبيراً في نفوسهم، وبالأخصّ على الإمام زين العابدين(عليه السلام)، واختتم محاضرته بذكر مصاب السيّدة رقيّة وواقعة شهادتها(عليها السلام)، هذه الطفلة التي كانت لها مكانةٌ عند الإمام الحسين(عليه السلام) وكيف أنّ الله تعالى جعلها باباً من أبواب قضاء حاجات المؤمنين.

تلتها قصيدةٌ شعريّة من الشعر الشعبيّ للشاعر إيهاب المالكي ولطميّة حسينيّة للرادود ثامر العارضي جسّدت عمق مأساة هذه الفاجعة، بالإضافة الى عرض مشهدٍ تمثيليّ يصوّر الفاجعة الأليمة للسيّدة رقيّة(عليها السلام)، واستمرّ طيلة إجراء هذه المراسيم.

أمّا السفرة فهي عبارة عن بساطٍ أخضر اللّون وُضعت عليه قطعٌ من الأشواك كنايةً عن تعرّض هذه الشهيدة الصغيرة للسير على الشّوك يوم عاشوراء وقناديل مضيئة وشموع، وقد ازدحم المعزّون والمواسون والطالبون للحوائج حول هذه السفرة خاصّةً من النساء والأطفال، كذلك وُزّع الطعامُ بثوابها (سلام الله عليها).

وتُشير الروايات الى أنّه أثناء مكوث أهل البيت(عليهم السلام) في خربة الشام رأت السيدة رقيّة في منامها أباها الحسين(عليه السلام) فانتبهت من منامها وقالت: أين أبي الحسين؟؟ فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطرباً شديداً، فلمّا سمعت النسوة بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال وارتفع العويل، فانتبه [الملعون] يزيد من نومه وقال: ما الخبر؟.

ففحصوا عن الواقعة وأخبروه بها، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها، ولمّا أتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها قالت: ما هذا؟ قالوا: رأس أبيك. ففزعت الصبيّة فصاحت وأنّت وتأوّهت فتوفّيت ومضت سعيدةً الى ربّها مخبرةً جدّها رسول الله وجدَّتها الزهراء(صلوات الله عليهما) ما لقيت من ظلم الطغاة.. وتوفّيت السيدةُ رقيّة بنت الحسين في الخربة بدمشق –الشام- في الخامس من شهر صفر سنة (61هـ) ودُفِنت في المكان الذي ماتت فيه وعمرُها ثلاث سنوات أو أربع أو أكثر من ذلك بقليل –على اختلاف الروايات-، وقد قال صاحبُ معالي السبطين أنّ أوّل هاشميّةٍ ماتت بعد مقتل الحسين(عليه السلام) هي رقيّة ابنته في الشام.

ويقع قبرُها الشريف على بعد مئة متر أو أكثر من المسجد الأمويّ في دمشق في باب الفراديس بالضبط، وهو بابٌ مشهورٌ من أبواب دمشق الشهيرة والكثيرة وهو بابٌ قديم جدّاً.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: