الى

مدينةُ الثلج والورود إحدى مصاديق خطبة السيّدة زينب الكبرى(عليها السلام).. صورٌ من جبال الهملايا

وقفت زينبُ بنت علي بن أبي طالب(عليهما السلام) سنة 61هـ وخاطبت الدعيّ بن الدعيّ يزيد -عليه لعائنُ الله- في خطبتها العصماء، التي سنأخذ جزءً منها لأنّ الصور المرفقة في هذا التقرير ستكون أحد المصاديق لقولها وبعداً ومن أبعاد هذه الخطبة، فقد قالت(عليها السلام): (فكِدْ كيدك، واسعَ سعيَك، وناصبْ جهدَك.. فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تُميت وحينا، ولا تُدرك أمدَنا).

صدقت بنتُ النجباء فوالله بعد (1377) عاماً من كلامها وجدنا أناساً موالين لأهل بيت النبوّة(سلام الله عليهم) يسكنون بين جبالٍ شاهقات تتقطّع سبل الوصول إليهم إلّا بشقّ الأنفس، وقلوبهم عامرةٌ بحبّ أهل البيت(عليهم السلام).

فبعد أن وقف أبو عبد الله(عليه السلام) ظهيرة العاشر ونادى: (ألا من ناصرٍ ينصرنا) وما من مجيب، ها نحن اليوم وفي هذه المناطق النائية جدّاً نجد قلوباً حرّى تنادي: لبّيك يا حسين.

تجوّلنا بين أهالي منطقةٍ تُسمّى (شگر) وهي منطقةٌ شبه منعزلة والسبيلُ الوحيد للوصول إليها هو طريقٌ جبليّ وعر بالكاد يتّسع لسيّارةٍ واحدة، فهم من الموالين الذين ذابوا عشقاً، ومدينتهم تُسمّى مدينة الثلج والورود، لأنّ الثلج يغطّي الجبال التي تحيط بها وأغلب أراضيها، والورد يشقّ طريقه إلى الحياة ليسرّ عيون الناظرين.

سألناهم لم لا تقدمون إلى كربلاء؟ فأجابوا والغصّة في قلوبهم: أنّ العيش صعبٌ في هذه المناطق، والحال بالكاد يكفي لسدّ الرمق، وللذهاب إلى كربلاء لابُدّ من الوصول إلى إسلام آباد، وهذا إمّا عن طريق الطائرة وهي باهظة الثمن أو عبر الطريق الجبليّ الوعر، وأعداء أهل البيت(عليهم السلام) من الإرهابيّين يسيطرون على جزء كبير منه، وهم يقتلون كلّ من يُوالي أهل البيت ويمرّ في هذا الطريق.

فما لنا إلّا أن نجهد طول العمر عسى أن نوفّق للزيارة، أو نُحيي مناسبات أهل البيت(عليهم السلام) من أماكننا والقلوب عطشى للوصول إلى أضرحتهم المطهّرة.

وفود العتبات المقدّسة (العلويّة والحسينيّة والعسكريّة والعبّاسية) المتواجدة الآن في أقصى الشمال الباكستانيّ عند سلسلة جبال الهملايا تحديداً، توجّهت صباح يوم السبت (10رجب 1438هـ) الموافق لـ(8نيسان 2017م) الى هذه المدينة حاملين راية قبّة أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) وبعض التبريكات من عتبات العراق المقدّسة، فما أن شاهدوا السيارات التي تقلّ الوفود حتّى صدحت حناجرهم بـ"لبّيك يا حسين"، وبالفعل رُفِعت رايةُ قبّة حرم الإمام الحسين(عليه السلام) في ثلاثة أماكن من هذه المدينة.

عضو وفد العتبة العلويّة المقدّسة السيد باقر البخاتي بيّن في كلمةٍ له بالنيابة عن وفود العتبات: "أنّ هذه الراية تحمل بُعْداً روحيّاً لكونها تشرّفت بقبّة ضريح سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)، وبحمد الله تعالى أنتم قومٌ موالون لهذا النهج العظيم، ونسأل الله أن يديم عليكم وعلينا هذه النعمة العظيمة".

الدموعُ لم تتوقّف فتارةً تكونُ تعبيراً عن الفرح بمقدم الوفود وأخرى حزناً لذكرى مصاب الحسين(عليه السلام)، وأكّدوا أنّ من أعظم نعم الله عليهم هو أن ألقى في قلوبهم حبّ أهل البيت(عليهم السلام) ومن ثمّ تشرّفهم بأن تُرفع ثلاث رايات للإمام الحسين(عليه السلام) في أرجاء مدينتهم.

فيا سيّدتي يا أمّ المصائب السلام عليك وعلى جدّك وأبيك وأمّك وأخيك، صدقت أيّتها العالمة غير المعلَّمة، فها هو حبّ ذبيح كربلاء قد استوطن قلوب الملايين رغم اختلاف قوميّاتهم وأعراقهم، وها هم قومٌ لا يفقهون العربيّة إلّا آيات بيّنات من كتاب الله العزيز لكنّ حبّ أخيك الحسين(عليه السلام) قد أزهر نوراً في قلوبهم.

الجدير بالذكر أنّه قبل التوجّه لهذه المدينة (شگر) زارت وفودُ عتبات العراق المقدّسة مدرسة (أسوة) في مدينة سكاردو، وهي إحدى المدراس التي يُشرف عليها معتمدُ المرجعيّة الدينيّة العُليا في باكستان الشيخ علي محسن النجفي.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: