الى

أعظَمَ اللهُ لك الأجر يا رسول الله بوفاة كافلك وناصرك سيّد البطحاء أبي طالب(عليه السلام)..

تمرّ علينا في هذا اليوم السادس والعشرين من شهر رجب الأصبّ (على رواية) ذكرى وفاة مؤمن قريش وصدّيقها أبي طالب(عليه السلام) ناصر النبيّ محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) وكافله ووالد الإمام أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، وهو من أوائل المصدّقين بالرسول(صلى الله عليه وآله) في أوّل بعثته وهو من ربّاه، لم يُظهر إيمانه بل كتمه؛ ليتمكّن من نصرة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وجنّد كلّ طاقاته في سبيل نشر الدعوة.
وهذه ومضات من سيرته العطرة:

اسمه ونسبه ولقبه:
أبو طالب، عبد مناف (عمران) بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي القرشي. وقد لُقّب (عليه السلام) بـ”شيخ البطحاء” و ”مؤمن قريش” و ”سيّد بني هاشم” و ”شيخ قريش“.

ولادته:
ولد قبل ولادة النبيّ(صلى الله عليه وآله) بخمس وثلاثين سنة.
أُمّه:
السيّدة فاطمة بنت عمرو بن عابد (عائذ) بن عمران.
كفالته للنبيّ(صلى الله عليه وآله):
توفّي عبد الله بن عبد المطّلب -والد النبيّ(صلى الله عليه وآله)- والنبيّ حَمْلٌ في بطن أُمّه، وحينما وُلد (صلى الله عليه وآله) تكفّله جدّه عبد المطّلب، ولمّا حضرت الوفاة عبد المطّلب أوصى ولده أبا طالب بحفظ رسول الله(صلى الله عليه وآله) وحياطته وكفالته، وكان عمره (صلى الله عليه وآله) ثمانية سنين، فكفله عمّه أبو طالب وقام برعايته أحسن قيام.
زوجته وأولاده:
تزوّج أبو طالب السيّدة فاطمة بنت أسد، وهو أوّل هاشميّ يتزوّج بهاشميّة، فولدت له أكبر أبنائه من الذكور (طالب) وبه يُكنّى، وعقيل، وجعفر، وعلي. ومن الإناث: أُمّ هاني واسمها فاختة، وجمانة، وكانت له زوجاتٌ أُخر غير فاطمة بنت أسد.

حبّه للنبيّ(صلى الله عليه وآله):
كان أبو طالب يحبّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) حبّاً شديداً، وفي بعض الأحيان إذا رأى النبيّ(صلى الله عليه وآله) كان يبكي ويقول: «إذا رأيته ذكرت أخي»، وكان عبد الله أخاه لأبويه.
رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يحبّ عمّه أبا طالب ويثني عليه طيلة حياته، جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: أنّ أبا طالب لمّا مات حزن الرسول حزناً شديداً، وقال في مدحه: (لقد ربّيت وكفلت صغيراً ونصرت وآزرت كبيراً)، ثمّ تبعه الى حفرته فوقف عليه، فقال: (أما والله لأستغفرنّ لك ولأشفعنّ فيك شفاعةً يعجب لها الثقلان).

أحاديث تدلّ على سموّ ومكانة أبي طالب(عليه السلام):
1- روي عن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «ما مات أبو طالب حتّى أعطى رسول الله(صلى الله عليه وآله) من نفسه الرضا».
2- روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله: «إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف، أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين».
3- روي عن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «كان والله أبو طالب بن عبد المطّلب بن عبد مناف مؤمناً مسلماً، يكتم إيمانه مخافةً على بني هاشم أن تنابذها قريش».
4- روي عن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «والله ما عَبَدَ أبي ولا جدّي عبد المطّلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قطّ»، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: «كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم متمسّكين به».
5- عن محمّد بن يونس، عن أبيه، عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «يا يونس ما تقول الناس في أبي طالب؟» قلت: جُعلت فداك يقولون: هو في ضحضاحٍ من نار، وفي رجليه نعلان من نار تغلي منهما أُمّ رأسه! فقال: «كذب أعداء الله!! إنّ أبا طالب من رفقاء النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقاً».

ولله درّ ابن أبي الحديد حينما أنشد هذه الأبيات:

ولولا أبو طالبٍ وابنه *** لما مثل الدين شخصاً فقاما

فذاك بمكّة آوى وحامى *** وهذا بيثرب جسّ الحِماما

تكفّل عبدُ منافٍ بأمرٍ *** وأودى فكان عليٌّ تماما

فللّه درّك يا أبا طالب، عشت مظلوماً ومتّ مظلوماً وامتدّ الظلمُ في عقبك وحتى إلى حياتك الآخرة! ولو كنت أباً لمعاوية أو أحد الطلقاء –معاذ الله-، لما كان الذي كان!!! فجزاك الله عمّا أبديت وصبرت واحتسبت خير جزاء المؤمنين. والسلام عليك يوم وُلدتَ ويوم مُتَّ ويوم تُبعثُ حيّاً.. ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: