الى

أسس التعايش السلمي التي وضعتها المرجعية الدينية العليا

المرجعيّة الدينيّة العُليا ومن خلالِ مُتابعتِها ومُعايشتِها للواقعِ الذي يَعيشهُ العراق في ضِل هذه الظروف الراهنة، والتي يقبع في مُقدمتها الأخطار الأمنية المُحدِقة فيه، ومن أجل عِبور هذه المرحلة وإفشال المُخططّات التي تُريد النَيل من وحدة وكيان الشعب العراقي الأصيل، والوقوف بالضد منها وتقوية النسيج المجتمعي وترابط أواصره، كَون مُشتركات هذا الوطن هي اكبر من نِقاط اختلافه، ولغرض العَيش والتعايُش بسلام في ربوعهِ وتحت خيمته فقد طرحت اليوم ومن خلال منبرها في خِطبة صلاة الجمعة والتي كانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي أُسس التعايُش السلميّ واعتبرتها آلية ناجحة لمعالجة مخاطر التنوّع في الانتماء المذهبي والديني وعلى مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية والعقائدية وهذه الأسس هي :

الاول: ان المشتركات بين مختلف المذاهب الاسلامية سواء في العقيدة (التوحيد، النبوة، المعاد) او الدعائم العملية للدين الحنيف من الصلاة والصيام والحج وغيرها وبالرغم من وجود اختلافات هنا وهناك تفرض مستوى من الانسجام الثقافي والحوار المبني على احترام خصوصيات الآخر بشكل يحفظ العلاقة الوطنية المشتركة بين المنتمين لهذا التعدد المذهبي ويصون المصالح العليا للمسلمين قاطبة خصوصا اذا كانوا ضمن الوطن الواحد.
الثاني: الترابط القلبي وانبعاث مشاعر العطف والرحمة والتواد التي فرضها الحديث الشريف (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم..) فان هذا الحديث فرض مساحة ومرتبة من التعاطف القلبي المثمر للتحرك الاجتماعي الايجابي نحو الآخر بما يحفظ قوة العلاقة المجتمعية وعدم تغلب مساحة التقاطع والتهاجر على مساحة التواصل والتقارب الاجتماعي الفاعل.
الثالث: الايمان بان التعدد الديني والمذهبي امر واقع لا مناص منه واقتضته المشيئة الالهية (ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة)، فالتعايش السلمي ضرورة يفرضها الواقع وحقائق التاريخ وينبغي معرفة كيفية التعامل الايجابي البنّاء مع التعددية بما يصون المجتمع المتعدد الانتماءات من الصراع واستخدام العنف، والمطلوب التعامل بعقلانية وواقعية وعدالة مع التعددية.
الرابع: ان من حق صاحب كل فكر ان يدافع عنه ويحاول اقناع الآخرين به بإقامة الدليل عليه واتباع الاسلوب العلمي في اثبات احقيته من وجهة نظره، ولكن من دون المساس بكرامة من يخالفه في الفكر وجرح مشاعره والاساءة الى مقدساته بما قد يؤدي الى الاخلال بالتعايش السلمي بين ابناء الوطن الواحد، فليس المطلوب ان يكف اهل الحق عن بيان ما هو الحق ورجالاته وما هو الباطل ورجالاته ولكن لابد من اتباع الاسلوب الصحيح في ذلك والابتعاد عما يثير الكراهية والبغضاء بين الناس.
الخامس: ان من الامور الخطيرة التي اريقت بسببها الكثير من الدماء البريئة هو تكفير الآخر لمجرد المخالفة في بعض القضايا العقدية وما يتبع ذلك من تأويل للنصوص على غير ما هو المراد منها خصوصا التي حفظت وصانت المجتمع الاسلامي في دماء ابنائه واعراضهم واموالهم.
السادس: ان الوعي لما تفرضه المصالح العليا للمسلمين والمصالح الوطنية العامة هي اهم بكثير من المصالح الضيقة (التي يتصورها البعض انها مصالح للمذهب والطائفة) ، يستدعي مراعاة الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للجميع ضمن دائرة حقوق المواطنة التي يتساوى فيها الجميع ، والتعايش على قاعدة المبادئ والمصالح المشتركة ودرء مفاسد الاختلاف والشقاق المضرة للجميع.
السابع: ان مما يزعزع التعايش السلمي كثرة الجدال والمراء والانتقاد للآخر في الخطاب العام والابتعاد عن اسلوب الطرح العلمي ضمن دائرة اصحاب الاختصاص والمسؤولية الاسلامية في البلاغ وحسن البيان للمطالب الحقة. فمن آمن فقد احسن لنفسه ومن لم يؤمن فحسابه على الله تعالى (إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب).
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: