الى

من رجالات الطف: نافع بن هلال

مرقد الشهداء قرب ضريح الإمام الحسين عليه السلام
مع بطل وشهيد آخر من شهداء ملحمة كربلاء العظمى الخالدة، الذي استشهد يوم العاشر من محرم مع الامام الحسين(عليه السلام) واصحابه ، ذلك هو: نافع بن هلال الجملي، رجل من الكوفة، ذو شخصية مرموقة، كان سيداً شريفا شجاعا، وقارئا للقران الكريم، وكاتبا ومن حَمَلَةِ الحديث الشريف، ونافع بن هلال احد اصحاب امير المؤمنين علي (عليه السلام) شهد معه حروبه الثلاثة في العراق، وخرج الى الامام الحسين (عليه السلام) فلقيه في طريقه الى كربلاء، فالتحق بالركب قبل استشهاد مسلم بن عقيل (عليه السلام) وكان نافع قد اوصى ان يتبع بفرسه المسمى بـ "الكامل"، فأتبع مع (عمرو بن خالد الصيداوي) واصحابه.

فقام نافع بن هلال الجملي للحسين سلام الله عليه فقال: انت تعلم أن جدك رسول الله لم يقدر ان يشرب الناس محبته، ولا ان يرجعوا الى امره ما احب، وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر، ويضمرون له الغدر، يلقونه باحلى من العسل، ويخلفونه بأمرّ من الحنظل، حتى قبضه الله اليه. وان اباك عليا كان في مثل ذلك، فقوم قد اجمعوا على نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين... حتى اتاه اجله، فمضى الى رحمة الله. وانت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة، فمن نكث عهده وخلع بيعته، فلن يضر الا نفسه، والله مغنٍ عنه.. فسر بنا راشدا معافى، مشرقا ـ ان شئت ـ او مغربا، فو الله ما اشفقنا من قدر الله ولا كَرهنا لقاء ربنا، وانا على نياتنا وبصائرنا، نوالي من والاك، ونعادي من عاداك.

نعم، ذلك هو نافع بن هلال الجملي، رجل مؤمن ذو بصيرة ومعرفة، وموقف راسخ مع الإمامة الحقة، حتى اخذت بيده يد التوفيق الالهي الى الالتحاق بالركب الحسيني، ليكون احد الاصحاب الذين ناصروا الحسين، وبذلوا مهجهم الطيبة دونه.
ويمضي يوم تاسوعاء، ويحل بعده المساء، فيجمع الامام الحسين صلوات الله عليه اهل بيته واصحابه.

وكان نافع بن هلال الجملي منهم ، وقد عرف الامام ابو عبد الله الحسين من اصحابه صدق النية وحسن الاخلاص في المفاداة دونه، عندها اوقفهم على غامض القضاء، فقال مخاطبهم: اني غدا اقتل، وكلكم تقتلون معي، ولا يبقى منكم احد: وكانت العبارتان الاخيرتان اعظم بشرى لهم، فقالوا بأجمعهم -وفيهم نافع بن هلال- : الحمد لله الذي اكرمنا بنصره، وشرفنا بالقتل معك، اولا نرضى ان نكون معك في درجتك يا بن رسول الله؟! فدعا الامام الحسين (عليه السلام) لهم بالخير، وكشف عن ابصارهم فرأوا ما حباهم الله من نعيم الجنان، وعرفهم سلام الله عليه منازلهم في الجنة.

وتحل ليلة عاشوراء.. وقد حفت بالمحن والمصائب، واذنت بالفجائع والنكبات، لكن اصحاب الحسين نشطوا في تلك الليلة للعبادة وتاهبوا بروحية عالية للقتال والشهادة وهم ينتظرون الموعد الحق بفارغ الصبر، فكان لهم دوي كدوي النحل في تهجدهم وهم ما بين راكع ساجد، وقائم وقاعد. وقد امر الامام الحسين (عليه السلام) ان يقاربوا بين الخيام، ليستقبلوا الاعداء غدا من جهة واحدة، كما امر بحفر خندق وراء الخيام ووضع الحطب فيه وإضرام النار فيه لكي لا يداهمهم العدو من الخلف.

وفي جوف تلك الليلة، خرج ابو عبد الله الحسين صلوات الله عليه بعيدا عن الخيام، ليتفقد التلاع والقصبات، تبعه نافع بن هلال الجملي، سأله الإمام الحسين عما اخرجه خلفه، فأجاب نافع: يا بن رسول الله، افزعني خروجك الى جهة معسكر هذا الطاغي.
فقال الحسين (عليه السلام) : اني خرجت اتفقد التلاع والروابي؛ مخافة ان تكون مكمنا لهجوم الخيل يوم تحملون ويحملون. ثم رجع (عليه السلام) وهو قابض على يد نافع ويقول: هي هي والله، وعد لا خلف فيه.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: