الى

خدّام العتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية ينادون: أعظم الله لك الأجر يا أبا الفضل بذكرى رحيل والدتك أمّ البنين (عليها السلام)...

كثيرون هم الذين يأتون إلى هذا العالم ويرحلون عنه كما جاءوا ولم يتركوا سوى خمول ذكرٍ وخمود اسم، على العكس من أناسٍ بقيت ذكراهم تدقّ ذاكرة التاريخ على مرّ العصور والأزمنة، وفي مقدّمتهم آل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي الذين لا يُقاس بهم أحد ولا ينال مراتبهم مخلوق، ومن الشخصيّات التي تربّت ونهلت من هذا البيت المبارك الذي كانت ملائكة السماء تتشرّف بخدمته السيّدة الجليلة فاطمة بنت حزام المعروفة بأمّ البنين أمّ العبّاس(عليه السلام).
وإحياءً لذكرى رحليها (سلام الله عليها) الذي يوافق يوم غدٍ الجمعة (13 جمادى الآخرة) فقد خرج خَدَمَةُ العتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية بموكبٍ عزائيّ مهيب لتقديم التعازي لناصر أخيه الإمام الحسين(عليه السلام) وقائد جيشه وكافل عياله أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، ولسان حالهم ينادي: أعظم الله لك الأجر يا سيّدي يا أبا الفضل العباس بهذا المصاب الجلل.
هذه الفعاليّة العزائيّة هي عرفٌ عزائيّ اعتاد عليه منتسبو العتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية لإحياء هذه المناسبة بالتحديد، حيث جرت العادة في إحياء وفيات الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) بخروج موكبٍ عزائيّ من العتبة العبّاسية المقدّسة ويُختتم عند صحن أبي عبد الله الحسين(سلام الله عليه)، لكن في ذكرى وفاة أمّ البنين(عليها السلام) يختلف الموضوع، حيث يتقدّم خَدَمَةُ الإمام الحسين(عليه السلام) بموكبٍ عزائيّ كبير ليستقبلهم خَدَمَةُ أبي الفضل العبّاس(سلام الله عليه) في صحنه الطاهر.
ثمّ يُقام بعد ذلك مجلسٌ عزائيّ موحّد يتمّ من خلاله إلقاء القصائد والمرثيّات التي تبيّن مكانة ومقام هذه الشّخصيّة التّاريخية المخلصة التي أفنت حياتها كلّها في تربية الحسن والحسين(عليهما السّلام) سيّدَيْ شباب أهل الجنة، وقدّمتهما على أبنائها في الخدمة والرّعاية، ولم يعرف التّاريخ أنّ امرأةً تخلص لأبناء زوجها وتقدّمهم على أبنائها وتضحّي بأولادها کقرابين للذبّ عنهم سوى هذه السّيّدة الزّكيّة، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينيّاً، وهما وديعة رسول الله(صلّى الله عليه وآله) وريحانتاه، وقد عرفت أُمّ البنين ذلك فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام.
يُذكر أنّ السيّدة أمّ البنين(عليها السلام) بعد خدمتها لسيّد الأوصياء وولديه الإمامين الحسنين وعقيلة بني هاشم زينب الكبرى(عليهم السلام أجمعين) وبعد عمرٍ طاهرٍ قضته بين عبادة الله جلّ وعلا وأحزان طويلة على فقد أولياء الله سبحانه وتعالى، وفجائع مذهلة من استشهاد الإمام علي بن أبي طالب في محرابه وولده الإمام الحسن(عليهما السلام)، وشهادة أولادها الأربعة في ساعةٍ واحدة صوناً لحرمة حبيب الله وريحانة رسوله وسبطه الشهيد الإمام الحسين(عليه السلام)، بعد ذلك كلّه كانت وفاتُها المؤلمة في الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة 64هـ منتقلةً الى رحمة بارئها عزّ وجلّ، ودُفنت أُمّ البنين(عليها السّلام) في مقبرة البقيع بالقرب من إبراهيم، وزينب، وأمّ كلثوم، وعبد الله، والقاسم، وغيرهم من الأصحاب والشّهداء، وقد تمّ هدم قبرها من قبل النواصب مع قبور أئمّة أهل بيت النبوّة(عليهم السلام).
فسلامٌ على تلك المرأة النجيبة الطاهرة، الوفيّة المخلصة، التي اقتفت خطی سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام) شرعةً ومنهاجاً، وهنيئاً لها ولكلّ من اقتدين بها من المؤمنات الصالحات.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: