الى

الكاشي الكربلائيّ المُزيّن لأروقة العتبة العبّاسية المقدّسة جمع بين الفنّ العريق وحداثة التنفيذ...

ممّا يُلفت نظر أيّ زائر الى العتبة العبّاسية المقدّسة هو جماليّة القطع المتراصّة التي رُكّبت على أروقتها وجدرانها بطرقٍ فنّية وجماليّة تبعث بألوانها الزاهية وخطوطها وزخرفتها إعجابه، وممّا لا شكّ فيه أنّ الحديث عن الكاشي الكربلائيّ والخوض في غمار هذا الفنّ طويل ومتشعّب، فإنّه يُعتبر من أهمّ الأيقونات الفنّية والجماليّة.
يمثّل الكاشي الكربلائي أحد أهمّ مظاهر التراث المعماريّ الأصيل في كربلاء، ويمتدّ عمره الى ثلاثة قرون من الزمن تقريباً، وأصبح علامةً فنيّة بارزة فيها وارتبط ارتباطاً وثيقاً باسمها، الرسم والزخرفة ونقش الآيات القرآنية الكريمة والخطّ كلّ هذه الأمور تُشكّل عناصر جماليّة وفنيّة في أيّ قطعة من قطعه التي تُحوّله من طين الى لوحةٍ فنيّة متكاملة، ومن حجرٍ أصمّ الى عملٍ فنّي ناطق، وهذا ما ترجمته أنامل الفنيّين والمهندسين على أرض الواقع في إكسائها لجدران وأروقة العتبة العبّاسية المقدّسة بمواصفاتٍ فنّية وهندسيّة على هذه المادّة مع إدخال موادّ تجعله ذا ميزاتٍ يتلاءم والتصاميم المعدّة له.
رئيسُ قسم المشاريع الهندسيّة في العتبة العبّاسية المقدّسة المهندس ضياء مجيد الصائغ أوضح من جانبه أهمّ مميّزات الكاشي الكربلائيّ المستخدم في إكساء أروقة وأواوين وجدران الحرم الطاهر لأبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، فتحدّث قائلاً: "كخطوةٍ أولى تمّت دراسة الكاشي الكربلائي التقليدي المنقوش، ومن الدراسات الأوّلية للكاشي القديم لوحظ أنّ أطول عمرٍ زمنيّ للكاشي المستعمل لا يتجاوز (30) عاماً كحدٍّ أعلى و(20) عاماً كحدٍّ أدنى، يبدأ بعدها بفقدان خواصّه الفيزيائيّة والكيميائيّة، حيث يبدأ بالتقوّس، وتقشّر السطح، وفقدان الألوان، لذا كانت العيوب تتزايد طرديّاً مع قلّة مهارة أغلب الأيدي".
وأضاف: "تبعاً لهذه المعطيات قمنا بإنتاج كاشي كربلائيّ يتغلّب على العيوب الموجودة في الكاشي القديم، وتحديد المستلزمات التي يُمكن من خلالها تجاوزها لصناعة كاشي كربلائي كامل المواصفات، حيث تمّ اختيار تربة ممتازة وهي عبارة عن عدة أنواع من التربة، عُملت كمزيج لتحقيق أعلى المواصفات من حيث المقاومة والعزل وبنسبة أملاح تقترب من الصفر، ثمّ تُحوّل الى معملٍ ميكانيكيّ متكامل تمّ استئجاره ليتمّ فيه عملُ عجينة الكاشي، فبعد غسل التربة جيّداً تتّجه الى ماكنة القطع الميكانيكيّ بالقياسات المطلوبة، وقد صنعنا قالباً خاصّاً بالكاشي حقّقنا من خلاله سُمكاً وطولاً وعرضاً متساوياً وزوايا حادّة، بعد ذلك تقوم كابسات عملاقة بتسليط ضغط يبلغ (800 طن) على العجينة، مؤدّيةً بذلك الى حصول مقاومةٍ عالية للكاشي وإفراغه من المسامات الهوائيّة، لتكون نسبة امتصاصه للرّطوبة صفر بالمائة، بعدها توضع على العجينة مادّة أساس بيضاء اللون بسُمك (1ملم) وبعدها تُنقل الى أفران حراريّة للفخر، لتكون بعدها جاهزةً لعمليّة النقش".
وبيّن الصائغ: "إنّ أهمّ ما يميّز الكاشي الكربلائيّ الحديث هو: أبعاد وقياسات دقيقة، زوايا حادّة، سطح مستوي، مقاومة عالية وعزل حراري، غير قابل لامتصاص الرطوبة، ثبات وزهوّ في الألوان".
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: