لقد رُوي عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) الشيء الكثير والجمّ الغفير في حقّ عمّه أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، وكلّ واحدٍ منها ينبئ عن علوّ مقامه عنده، وسموّ منزلته لديه، بل كلّ واحدٍ منها صريحٌ في بيان ما لأبي الفضل العبّاس(عليه السلام) من الجاه والجلال عند الله تعالى، وعند رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وعند فاطمة الزهراء(سلام الله عليها)، وعند الأئمّة من أهل بيت رسول الله(عليهم السلام).
وقد اشتهر منها قوله (عليه السلام) في حقّه: ((كان عمّنا العبّاس بن علي عليه السلام نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله عليه السلام وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً)).
ويكفي أبا الفضل العبّاس(عليه السلام) هذا الوسامُ الكريم من الإمام الصادق(عليه السلام)، الذي هو وسام من الله تعالى؛ لأنّه (سلام الله عليه) يتكلّم عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن جبرائيل عن الله تعالى، وقد أبان فيه عن مدى شخصيّة أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) الكبيرة، وكشف عبره عن مغزى نفسيّة العبّاس(عليه السلام) الرحبة، وأفصح في طيّاته عن معنويّاته الواسعة والصلبة.
وقد اشتهر منها أيضاً قوله (عليه السلام) فيما علّمه شيعته وأصحابه إذا حضروا عند مرقد أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) أن يخاطبوه به من لفظ الزيارة المرويّة بسندٍ صحيح متّفق عليه، والتي تبتدئ بتقديم التحيّة، وإهداء السّلام من الله وملائكته وأنبيائه ورسله، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصدّيقين، زاكية طيّبة في كلّ صباح ومساء على العبّاس بن أمير المؤمنين(عليه السلام)، وتنتهي بالدعاء والثناء، وطلب المغفرة والرضوان، ونيل الفلاح والنجاح للزائرين الوافدين، وتضمّ فيما بين البدء والختم معانٍ شامخة، ومقامات سامية تضاهي ما جاء من المعاني الشامخة في زيارات المعصومين(عليهم السلام)، وتُوازي ما رُوي من المقامات السامية لهم (سلام الله عليهم أجمعين).
فالزيارة هذه إذن صريحةٌ في عظمة أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) وجلالة قدره.