الى

نداءُ الطفّ الحسينيّ العظيم وفتوى الدّفاع المقدّسة...

يرى البعض أنّ واقعة الطفّ الحسينيّ هي واقعةٌ تاريخيّة مرّت وانتهت، ولا يمكن لها أن تعمّر انعكاساتها عبر كلّ هذه القرون، وهذه النظرة (المتحفيّة) يبدو أنّها مقنعة لمن لا يعرف الأثر الولائيّ الإنسانيّ، ولا يفهم معنى الحسين(عليه السلام) ولا معنى نصرته، ولم يستطع ذهنه أن يتحمّل أثر واقعة تعرّش في روح التأريخ، والولاء فكر ومعتقد وتربية، والولاء لا يقتصر على الواقع الطفّي للرمز الحسيني، وإنّما يتّسع لبلوغ روحيّة الإمام الحسين(عليه السلام) ثمّ الاستعداد التضحوي العالي.
واقعة الطفّ في حقيقتها هي وحدة اجتماعيّة هادفة، تكوّنت في كربلاء، وحملت المعايير الإنسانية والوطنية.. والشعب الذي يتربّى على مثل هذه المواقف التضحويّة لا بُدّ أن يكون قريباً عن معناها من حيث وحدة الهدف، والمصالح المشتركة، والانتماء، وقدسيّة الأهداف، وهذه كلّها تمثّلت في تنامي الصوت المرجعي الدينيّ الذي يمثّل الرابط المقدّس لوجود القيادة الحسينيّة المباركة.
فكانت المرجعيّةُ المباركة تمتلك الصلاحيات والمسؤوليّات الروحيّة التي حاول الإعلام -ومنذ عهود- تهميشها وإبعادها عن سير العمليّات الروحية، أي محاولة تهميش المعنويات الروحية عند الإنسان، وإبعاد سلطة القداسة، حتى أصبح الإنسان لا يمتلك الإرادة في الخشوع، فقادت العراق حكومات خلقت الأزمة الحادّة التي أضاعت العدل والحلم، وأضعفت روح المسؤولية عند الناس، حتى أصبح المواطن العراقي يتحاشى المسؤوليّات، نفس الواقع التاريخي العام الذي كان سائداً في زمن الواقعة، نفس الضغوط هي التي عاشها العراقيّون، ومثلما تكوّن جيش ابن سعد، تكوّن داعش ليزحف على هويّة الطفّ ومراقد الأولياء والفتك بأنصار الحسين(عليه السلام).
برزت فتوى الدفاع المقدّسة مضموناً كبيراً من مضامين الطفّ الحسيني المبارك، لتعيد مفهوم الوحدة الاجتماعية الهادفة، ورفد الشعب بالروحية النهضويّة، فكان الإمام الحسين(عليه السلام) حاضراً في فكر وروح الفتوى النهضوية، وعزّز حضوره عمليّة الاستجابة.
فكانت الفتوى هي الردّ الحاسم على ظاهرة تنامي الأنظمة الأمويّة بعدما أعلنت عودتها إلى الوجود، وهي تحمل بغض أهل البيت(عليهم السلام)، والسعي لإبادة أيّ أثرٍ عاشورائي، فكانت الفتوى صوتاً عاشورائيّاً يمثّل هويّة هذا الجيل الولائي، وتعني تلقائية الانتماء إلى الركب الحسيني الإصلاحي.
فكان الرهان العالميّ على تهميش هذه الثورة الحسينيّة من خلال إفشال مساعي الفتوى؛ لتخفّف من وطأة تأثيرها العام، فهي قد تميّزت بالدفق والحيوية، وأثارت في النفوس روح التضحية، وأخذت بيد الثائرين للاستمرار في رفع راية الحق، وبذل التضحيات لدكّ أركان الطغيان، فكانت الاستجابة الشعبية الجماهيرية في أوج قوّتها التي أرعبت الأنظمة، وكانت الفتوى خطاب الفعل والعاطفة وإحياء الضمير الحي.. لتسير بنا نحو الركب الحسيني ونهضته الخالدة.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: