الى

من أصحاب الرّسول الأعظم الذين استُشهِدوا بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام): الصحابيّ مسلم بن عوسجة الأسدي...

في ثورة سيّد الشهداء(عليه السلام) كان لبعض صحابة رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلم) حضورٌ مميّز، وهؤلاء الصحابة قسمٌ منهم كان من أنصار النبيّ ومرافقيه والذين رووا عنه الأحاديث، والقسم الآخر منهم أدرك عصره أو أنّه قام بزيارته (صلّى الله عليه وآله) فقط، ومنهم الصحابيّ مسلم بن عوسجة الأسدي الذي كان عظيم الشأن جليل القدر فارساً شجاعاً أخلص في الولاء لرسول الله(صلّى الله عليه وآله) وللإمام الحسين(عليه السلام)، فقد كان ممّن رأى رسول الله(صلّى الله عليه وآله) وسمع حديثه وروى عنه.
نسبه:هو مسلم بن عوسجه بن سعد بن ثعلبة بن داود بن أسد بن خزيمة أبو حجل الأسدي السعديّ، شخصيّة أسديّة كبرى وأحد شخصيّات الكوفة البارزة ممّن كاتب الإمام الحسين(عليه السلام) من الكوفة وأخذ له البيعة عند مجيء سفيره مسلم بن عقيل(عليه السلام) إلى الكوفة

دوره في كربلاء:
قالوا: ثمّ إنّ مسلم بن عوسجة بعد أن قُبِض على مسلمٍ وهانئ وقُتلا اختفى مدّةً، ثمّ فرّ بأهله إلى الإمام الحسين(عليه السلام) فوافاه بكربلاء وفداه بنفسه.
قال السيد ابن طاووس: إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) جمع أصحابه ليلاً وخطب فيهم وقال: (أمّا بعد فإنّي لا أعلم أصحاباً خيراً منكم، ولا أهل بيتٍ أفضل وأبرّ من أهل بيتي فجزاكم الله عنّي جميعاً خيراً.....)، وبعد أن أجابه أخوه العبّاس(عليه السلام) وأهل بيته(عليهم السلام) قام مسلمُ بن عوسجة وقال: (نحن نخلّيك هكذا وننصرف عنك وقد أحاط بك هذا العدوّ؟! لا والله، ولا يراني الله وأنا أفعل ذلك، حتّى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي، ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك أو أموتَ دونك).
استشهاد مسلم بن عوسجة:قال أبو مخنف: حدّثني الحسين بن عقبة المرادي قال الزبيدي: إنّه سمع عمرو بن الحجّاج حين دنا من أصحاب الحسين(عليه السلام) يقول: يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام، فقال له الحسين(عليه السلام): يا عمرو بن الحجّاج أعليّ تحرّض الناس؟ أنحن مرقنا عن الدين وأنتم ثبتّم عليه؟! أما والله لتعلمنّ لو قد قيّضت أرواحكم ومتّم على أعمالكم أيُّنا مرق من الدين ومن هو أولى بصليّ النار! قال: ثم إنّ عمرو بن الحجّاج حمل على الحسين(عليه السلام) من ميمنة عمر بن سعد(لعنه الله) من نحو الفرات فاضطربوا ساعةً، وكان مسلم بن عوسجة في الميسرة فقاتل قتالاً شديداً وبالغ في القتال على كبر سنّه، وصبر على أهوال البلاء فكان يحمل على القوم وسيفُه مصلت بيمينه وينشد:

إن تسألوا عنّي فإنّي ذو لبد *** من فرع قومٍ هم ذرى بني أسد
فمن بغاني حائدٌ عن الرشد *** وكافرٌ بدين جبّارٍ صمد
ولم يزل يضرب فيهم حتّى شدّ عليه مسلم بن عبد الله الضابي وعبد الله بن خشكارة البجلي فاشتركا في قتله، وثارت لشدّة القتال غبرةٌ شديدة وما انجلت إلّا ومسلم بن عوسجة صريعٌ وبه رمق، فمشى إليه الإمام الحسين(عليه السلام) فقال له: رحمك الله يا مسلم وقرأ: (فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) ودنا منه حبيب وقال: عزّ عليّ مصرعُك يا مسلم أبشرْ بالجنّة، فقال له مسلم(رضي الله عنه) بصوتٍ ضعيف: بشّرك الله بالخير، فقال حبيب: لولا أعلم أنّي في الأثر لاحقٌ بك لأحببت أن توصيني بكلّ ما أهمّك. قال مسلم: أوصيك بهذا -وأشار إلى الحسين(عليه السلام)- أن تموت دونه. قال حبيب: أفعلُ وربّ الكعبة ولأنعمنّك عيناً، فما كان بأسرع من أن فاضت نفسه بينهما، وكان أوّل قتيلٍ من أنصار الحسين(عليه السلام) بعد الحملة الأولى كما ذكرته عامّة المصادر التاريخيّة، فصاحت جاريةٌ له: يا سيّداه! يابن عوسجتاه! فنادى أصحابُ عمر بن سعد(لعنه الله) مستبشرين: قتلنا مسلم بن عوسجة. فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله: ثكلتكم أمّهاتكم أما إنّكم تقتلون أنفسكم بأيديكم وتذلّون عزيزكم (وفي رواية ابن الأثير: وتذلّون أنفسكم لغيركم) أتفرحون أن يُقتل مثل مسلم بن عوسجة؟! أما والذي أسلمتُ له لرُبّ موقفٍ له في المسلمين كريم، والله لقد رأيته يوم «سلق أذربيجان» قتل ستّة من المشركين قبل أن تلتئم خيولُ المسلمين، أفيُقتل مثله وتفرحون؟!!
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: