الى

إطلالةٌ على ذكرى: في 28 من شهر رجب الإمامُ الحسين (عليه السلام) يودّعُ مدينةَ جدّه ويتّجهُ الى مكّة المكرّمة

أشار الإمام الحسين(عليه السلام) في إحدى رسائله إلى الهدف من خروجه: (وإنِّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً، وإنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمَّة جَدِّي(صلّى الله عليه وآله)، أُريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنْهَى عنِ المنكر، وأسيرَ بِسيرَةِ جَدِّي وأبي علي بن أبي طَالِب).
حيث يوافق هذا اليوم الـ(28) من رجب سنة (60هـ)، خروجَ ركب الإمام الحسين(عليه السلام) من المدينة المنوَّرة إلى مكّة المكرّمة ، وسار معه (عليه السلام) نفرٌ من أهل بيته وأصحابه، وبرفقته نساؤه وأبناؤه وأخته زينب الكبرى(عليها السلام)، يخترقون قلب الصحراء ويجتازون كثبان الرمال، فكان يقودهم الإمام الحسين(عليه السلام) متحدِّياً بهم السلطة والقوّة والمطاردة، مُذكِّراً (عليه السلام) بهجرة أبيه الإمام علي(عليه السلام) من مكّة إلى المدينة يوم خَرَج ضُحىً بَرَكبِ الفواطم متحدِّياً كبرياءَ قريشٍ وصَلَفِها، خلافاً لمَا اعتاده المُهاجرون من سُلوك المنعطفات بين أجنحة الظلام، فلزم الطريق الأعظم فجعل يسير وهو يتلو هذه الآية (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
زار الإمامُ الحسين(عليه السلام) -قبل خروجه من المدينة المنوّرة- قبرَ جدِّه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) زيارة المُودِّع الذي لا يعود، فقد كان يعلم (عليه السلام) أنْ لا لقاء له مع مدينة جدِّه(صلّى الله عليه وآله)، ولن يزور قبره بعد اليوم، وأنّ اللقاء سيكون في مستقرِّ رحمة الله، وأنَّه لن يلقى جدَّه إلّا وهو يحمل وسام الشهادة وشكوى الفاجعة.
فوقف الإمام(عليه السلام) إلى جوار القبر الشريف، فصلَّى ركعتين، ثمّ وقف بين يدي جدِّه(صلّى الله عليه وآله) يُناجي ربَّه قائلاً: (اللَّهُمَّ هَذا قَبْر نَبيِّك مُحمَّدٍ(صلّى الله عليه وآله)، وأنَا ابنُ بنتِ نَبيِّك، وقد حَضَرني مِن الأمرِ مَا قد عَلمت، اللَّهُمَّ إنِّي أحِبُّ المَعروف، وأنكرُ المُنكَر، وأنَا أسألُكَ يَا ذا الجَلال والإكرام، بِحقِّ القبرِ ومن فيه، إلّا مَا اختَرْتَ لي مَا هُو لَكَ رِضىً، ولِرسولِك رِضَى).
قال أبو مخنف: (أتى الحسينُ -عليه السلام- إلى قبر جدّه(صلّى الله عليه وآله) وبكى وقال: يا جدّي إنّي أخرج من جوارك كُرهاً لأنّي لم أبايع يزيد شاربَ الخمور ومرتكبَ الفجور، فبينا هو في بكائه أخذته النعسة فرأى جدّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإذا هو قد ضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه وقال: يا ولدي يا حبيبي إنّي أراك عن قليلٍ مرمّلاً بدماك مذبوحاً من قفاك بأرضٍ يُقال لها كربلا، وأنت عطشان، وأعداؤك يرجون شفاعتي لا أنالهم الله ذلك، يا ولدي يا حبيبي إنّ أباك وأمّك وجدّتك وأخاك وعمّك وعمّ أبيك وأخوالك وخالاتك وعمّتك هم مشتاقون اليك، وإنّ لك في الجنّة درجةً لن تنالها إلّا بالشهادة، وإنّك وأباك وأخاك وعمّك وعمّ أبيك شهداء تُحشرون زمرةً واحدة حتّى تدخلون الجنّة بالبهاء والبهجة. فانتبَهَ من نومه فقصّها على أهل بيته فغمّوا غمّاً شديداً، ثمّ تهيّأ للخروج).
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: