الى

إنْ تُنكروني فأنا نجلُ الحسن: شعائرٌ حسينيّة لليلة ويوم الثامن تستذكر بطولات ابن معصومٍ اقتدى به آلافُ العراقيّين في فتوى الدّفاع المقدّسة..

بعد أن اختتمت مواكبُ العزاء العاشورائيّة ليلة ويوم أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، تواصلت بفعاليّاتها وأنشطتها العزائيّة، لتصل لاستذكار شخصيّةٍ كان لها الأثر في يوم عاشوراء، وهو القاسم بن الحسن(عليهما السلام)، هذا الشبلُ العلويّ من ذاك الأسد الحسن بن علي(عليه السلام) هو فتىً لم يبلغ بعدُ سنّ الحلم، وكان من المشاركين والمستشهِدين في واقعة طفّ كربلاء بين يدَيْ عمّه أبي عبد الله الحسين(عليه السلام).
فقد أحيت مواكبُ العزاء الكربلائيّة هذه الليلة كما جرت العادة منذ مئات السنين بطقوسٍ ومراسيم مارسوها واعتادوا عليها.
ابتدأ إحياءُ هذه المراسيم عصر اليوم السابع من المحرّم، حيث خرجت المواكبُ المعزّية وهم يرتدون الثياب البيضاء ويحملون الشموع، وفي مساء نفس اليوم تخرجُ الأطراف والأصناف والهيئات الكربلائيّة بمواكبها المعتادة، التي تخرج صباحاً ومساءً كلّ يوم من عاشوراء بعد صلاة العشاءين بمواكب اللطم، وتكون بداية انطلاقها من الطرق المؤدّية الى مرقد أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) مروراً به، من ثمّ تتّجه صوب صاحب الرزيّة الكبرى الإمام الحسين(عليه السلام) عبر ساحة ما بين الحرمين الطاهرين، ليُقام هناك مجلسٌ للعزاء تبعاً لجدولٍ زمانيّ أعدّه قسمُ المواكب والهيئات الحسينيّة التابع للعتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية، وسط استنفارٍ أمنيّ وخدميّ من قِبل منتسبيها، لخلق أجواءٍ عزائيّة وانسيابيّة في التنقّل والحركة سواءً للزائرين أو للمواكب العزائيّة نفسها.
خلال مسيرة هذه المواكب تصدح حناجرُ المعزّين بمآثر القاسم وما قدّمه في يوم عاشوراء واستشهاده بين يدَيْ عمّه الحسين(عليه السلام)، مستذكرين شجاعة هذا الفتى الهاشميّ المغوار ومناقبه، وموقفه البطوليّ في الدفاع عن القضيّة الحسينيّة وسط أصوات وصيحات النساء، وهنّ بذلك يواسين أمّه السيّدة (رملة) ويواسين أنفسهنّ في كلّ شابٍّ من شباب المسلمين يمضي شهيداً في الدفاع عن المبادئ الإسلاميّة السامية، وفي مقدّمتهم شهداء فتوى الدّفاع المقدّسة الذين بذلوا مهجهم في سبيل الدّفاع عن العراق ومقدّساته.
ومن صور العزاء التي رسمتها مواكبُ العزاء دخول مجاميع منهم الى العتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية، مصطحبين الأطفال في مسيرتهم وهم يرتدون ملابس ذات ألوان خضراء أو ألوانٍ أخرى، وآخرون يأتون وبينهم شابٌّ يمتطي فرساً أو يكون راجلاً أحياناً ويُلقي الأرجوزة المشهورة: (إنْ تُنكروني فأنا نجلُ الحسن *** سبطِ النبيّ المصطفى والمؤتمن)، وهو تشبيهٌ لشخص القاسم(عليه السلام)، وآخرون يحملون سفينة أو قبّة، فضلاً عن أمورٍ وصورٍ أخرى للعزاء.
يُذكر أنّ اليوم الثامن من محرّم الحرام ليس هو اليوم الذي استُشهِد فيه القاسم(عليه السلام)، فالمعروف أنّه وجميعُ أهل بيت الإمام الحسين(عليه السلام) وأصحابه استُشهِدوا نهار العاشر من محرَّم الحرام، ويُحيي أهالي كربلاء كباقي المدن والبلدان هذه الليلة باسم القاسم بن الحسن(عليه السلام)، لكنّها في مدينة كربلاء تختلف في طقوسها ومراسيمها عن باقي البلدان، وهو عرفٌ دأبوا على إقامته منذ القِدَم وأصبح إرثاً يتوارثونه جيلاً بعد جيل.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: