الى

بالصّور: مواكبُ العزاء تختتمُ يومها العاشورائيّ الثامن باستذكار شهادة عبد الله الرضيع

حملت واقعةُ الطفّ الخالدة بين طيّاتها حزمةً من المآسي والآلام والفجائع، التي كانت تفاصيلُها الواسعة سبباً في خلودها الى ما شاء الله، ومن تلكم المآسي وأبلغها في المظلوميّة هي جريمة قتل الطفل عبد الله الرضيع بن الإمام الحسين(عليه السلام).
مواكبُ العزاء العاشورائيّة بأصنافها وأطرافها وهيئاتها -وكعادتها منذ مئات السنين-، استحضرت واستذكرت هذه المناسبة الأليمة عند مرقدَيْ الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العبّاس(عليهما السلام)، وقد أفردت لها الليلة التاسعة من محرّم الحرام مع الجزء الأخير من اليوم الثامن والجزء الأوّل من اليوم التاسع، لتهتف فيها بالردَّات التي تدلّ على عُمق مواساتهم للإمام الحسين ورضيعه(عليهما السلام)، وبمشاركة أطفالٍ صغار مُرْتَدينَ ملابس خضراء وبيضاء وقد شدّوا عصاباتٍ على جباههم، كُتبت عليها شعاراتٌ تخصُّ الطفل الرضيع، إضافةً الى حملهم مهداً يرمز الى مهد الرضيع.
ويذكر أربابُ المقاتل أنّه لمّا بقي الإمام الحسين(عليه السلام) وحيداً بعد مقتل أهل بيته وأصحابه(عليهم السلام)، عاد إلى المخيم وقال: (ناولوني ولدي الرضيع لأودّعه)، فأجلسه في حجره وجعل يقبّله ويقول: (بُعْداً لهؤلاء القوم وويلٌ لهم، إذا كان جدّك محمّد المصطفى خصمهم).
فما كان من أخته زينب(عليه السلام) إلّا أن قالت: (أخي يا أبا عبد الله، هذا الطفلُ قد جفَّ حليبُ أمّه، فاذهب به إلى القوم لعلّهم يسقونه قليلاً من الماء).
خرج الإمام الحسين(عليه السلام) إليهم وصاح بهم: (أيّها الناس...)، فاشرأبّت الأعناق نحوه فقال: (يا قوم قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري، وما بقي غيرُ هذا الطفل وهو يتلظّى عطشاً، فاسقوه شربةً من الماء).
فاختلف القومُ فيما بينهم، فمنهم من قال: لا تسقوه، ومنهم من قال: اسقوه، ومنهم من قال: لا تُبقوا لأهل هذا البيت باقية.. عندها التفت اللعينُ عمرُ بن سعد قائد جيش يزيد بن معاوية إلى حرملة بن كاهل الأسدي، وقال له: يا حرملة اقطعْ نزاع القوم.
يقول حرملة الملعون: فهمتُ كلام الأمير، فسدّدتُ السهم في كبد القوس وصرت أنظر الى أين أرميه، فبينما أنا كذلك إذ لاحت منّي التفاتةٌ إلى رقبة الطفل، تلمع على عضد أبيه الحسين كأنّها إبريقُ فضّة، عندها رميتُه بالسهم، وكان ذلك الطفل مغمىً عليه من شدّة الظمأ، وعندما وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، فرفع يديه من تحت قماطه واعتنق أباه الحسين، وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح، وضع الحسين يده تحت نحر الرضيع حتّى امتلأت دماً رمى بها نحو السماء، قائلاً: (اللهم إنّي أُشهدك على هؤلاء القوم، فإنّهم نذروا ألّا يتركوا أحداً من ذرّية نبيّك).
ثمّ عاد به الإمامُ الحسين(عليه السلام) إلى المخيّم، فاستقبلتْه سكينة قائلةً: أبه، لعلّك سقيت عبد الله ماءً وأتيتنا بالبقيّة، قال: (بنيّتي سكينة، هذا أخوك مذبوحٌ من الوريد إلى الوريد).
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات لعرضها
إضافة تعليق
الإسم:
الدولة:
البريد الإلكتروني:
إضافة تعليق ..: