خلال المهرجان السنويّ الثامن لمولد السيّدة الزهراء(عليها السلام) الذي تُقيمه العتبةُ العبّاسية المقدّسة في جامعة ذي قار، كانت هناك كلمةٌ للعتبة المقدّسة ألقاها بالنيابة السيد عدنان الموسوي من قسم الشؤون الدينيّة فيها، وممّا جاء فيها:
"قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، بسم الله الرحمن الرحيم (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ)، وأريد من خلال هذه الآية أن أبيّن حقوق المرأة في الإسلام، ونحن نعيش مولد السيّدة الزهراء(عليها السلام) الذي يمكن اعتبار أنّ هذا اليوم قد أحدث نقلةً نوعيّة في حياة المرأة".
وأضاف: "المرأةُ في الكيانات والأمم الأخرى كانت كياناً مستحقراً مبغوضاً ومكروهاً، فقسمٌ من هؤلاء كانوا يعتبرون المرأة شرّاً لابُدّ منه، وقسمٌ كان يبيع المرأة في سوق النخاسة ويرتزق من ثمنها، وقسمٌ من الأمم يجعل مصير المرأة مقروناً بمصير الرجل فإذا مات الرجلُ يُحرق فتُحرق زوجته معه، وحين تأتي الى الجزيرة العربيّة تجد الطامّة الكبرى، حيث كانت البنت تُوأد تحت التراب، وطبعاً هذا لأسباب، الأوّل: المجتمع الجاهليّ كان قبليّاً يعيش على الإغارة، هذه القبيلة تغير على هذه القبيلة فيحتاجون الى من يحمل السلاح، الأمر الثاني: يعتقد المجتمع أنّ البنت إذا كبُرت تجلب لهم العار".
وتابع الموسوي: "أنت أيّها الشابّ أمامك طريقان، إمّا أن ترتقي الى سلّم الملائكة وإمّا أن تنحدر الى الحضيض الى مستوى البهائم بل أضلّ، الحديث يقول: (خلق الله الملائكة عقلاً بلا شهوة، وخلق الإنسان عقلاً وشهوة، وخلق البهائم شهوةً بلا عقل)، فالذي يغلب عقلُه شهوتَه يكون بمستوى الملائكة، والذي تغلب شهوتُه عقلَه يكون أضلّ من الأنعام، لذلك جاء الإسلام وحارب ظاهرة وأد البنات وأعطى حقوقاً عظيمةً للمرأة لم يعطِها إيّاها أيّ دين، فقد أعطاها حقّ التعلّم وحقّ التملّك وحقّ العمل إذا كانت محتاجة الى العمل، ولكن ماذا يريد الإسلام؟ يريد منها العفّة والحجاب".
وبيّن: "السيّدة الزهراء(عليها السلام) التي نحن بذكراها عندما يدخل رجلٌ غريب تتحجّب، يُقال لها: يا فاطمة إنّه لا يرى! فتقول: لكنّه يشمّ الرائحة، يسألها رسول الله(صلّى الله عليه وآله): (بنيّه فاطمة أيّ شيءٍ أحبّ للمرأة؟) قالت: (أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل)، هل هذا يعني أن نحبس بناتنا؟ لا طبعاً ليس هذا المقصود، المقصود هو أن تخرج المرأة لتتعلّم وتعمل، لكن ما المانع أن تتعلّم وتعمل بحجابها الإسلاميّ، وإنّ الإسلام أعطى حقوقاً للمرأة، ويوم مولد الزهراء أحدث نقلةً نوعيّة في حياة المرأة بالمجتمعات".
مشيراً: "نجد البعض من الأزواج يحمّل الزوجة المسؤوليّة حين تلد البنات، وهو قد يعلم وقد لا يعلم أنّ الرجل هو المسؤول عن تحديد جنس المولود، والقرآن قد ذكر ذلك في سورة القيامة: (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ)".
واستدرك الموسويّ قائلاً: "ونحن نعيش أيّام فاطمة الزهراء(عليها السلام) لابُدّ لنا أن نقتدي بسيرتها، ومنهاجها حجّةٌ على الحجج فلابُدّ أن نسير عليه، السيّدةُ الزهراء تُرسل لكنّ أيّتها النسوة العزيزات رسالةً من خلف الباب قبل (1430) سنة، أنّي لذتُ بالباب حفاظاً على ستري وحجابي حينما هجموا على داري، فكُسر ضلعها، لذلك علينا أن لا نُضيع كسر ضلع فاطمة ولا نُضيع جهد قطع الكفَّيْن الطاهرين لمولانا أبي الفضل(عليه السلام) وهو الراعي لهذا المهرجان، حينما قال وكفُّه تُقطع: (والله إن قطعتُـُم يميني.. إنّي أُحامي أبداً عن ديني)، الصلاة والصوم والحجاب والأخلاق الحميدة تنطوي تحت عنوان الدين، وأبو الفضل(عليه السلام) أعطى كفَّيْه وعينه حتّى تبقى هذه القواعد الأخلاقيّة التي جاء بها رسول الله(صلّى الله عليه وآله) الذي قال: (إنّما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق)، فلنحافظ على تلك القيم بأن نحافظ على أخلاقنا مع الله ومع المحيطين بنا".