حثّ السيد عدنان الموسوي من قسم الشؤون الدينيّة في العتبة العبّاسية المقدّسة الأيتامَ وذويهم على الاقتداء بالأئمّة(عليهم السلام) والأولياء الصالحين عند تعرّضهم الى ابتلاءات ومنها ابتلاءُ اليُتم، مؤكّداً عليهم أن يواجهوه بالصّبر وأن لا ننهار ونُغضب الله تعالى بقولٍ أو فعل.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها في جمعٍ كبير من الأيتام وذويهم أثناء استضافتهم وتكريمهم في العتبة العبّاسية المقدّسة، وممّا جاء في كلمته:
هناك جملةٌ من الابتلاءات يُبتلى بها الإنسان، وهذه الابتلاءات إمّا تكون عقوبةً أو يبتليه الله لكي يطهّره من الذنوب أو لرفع المنزلة، وطبعاً أعظم الذين ابتُلُوا بهذه الابتلاءات هم الأنبياء، والأنبياء معصومون من الزلل والخطأ وهذه الابتلاءات إنّما هي لرفع منزلتهم، أمّا نحن الناس العاديّون حينما يبتلينا الله تعالى بابتلاءاتٍ إنّما يكون ذلك لغفران الذنوب.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، نُبتلى أحياناً بذهاب المال وذهاب الأنفس ونقصٍ في الثمرات، وفي عراقنا الحبيب الجريح ابتُلينا بهذه الابتلاءات الخمسة، ونحن الآن بمحضر من ابتلوا بنقص الأنفس، الآن هناك من الأرامل والأيتام الذين نحن بخدمتهم، كيف نواجه هذه الابتلاءات؟ لاشكّ أحبّتي مواجهة الابتلاء تكون بالصبر، ابتُلينا بهذا الابتلاء لكن هل نحن ننهار؟ هل نحن نقول ما يُغضب الله تعالى؟ إنّما نواجه هذا الابتلاء بالصبر.
هذه المرأةُ التي فقدت زوجها ابتُليت فأصبحت أرملة، الطفل -ذكراً كان أو أنثى- فقد أباه ففقد الحنان وهذا ابتلاء، إذن نحن أصبحت من مسؤوليّاتنا أن نهتمّ بهذه الشريحة من الأيتام، الزوجةُ لعلّها تنتهي عدّتها وتتزوّج لكن المشكلة في هذا الطفل كيف نُحافظ على حقوقه، لأنّ هذا اليتيم اهتمّت بشأنه السماء وليس نحن، إنّما نحن أداة سخّرنا الله تعالى لهذه الشريحة التي فقدت الحنان وفقدت المُنفق وتحتاج الى من يتولّى أمرها من المجتمع، وقد هدّد ربُّ العزّة من يتعدّى على حقوق اليتيم، انظروا التهديد الإلهيّ يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)، النبيّ(صلّى الله عليه وآله) رأى في المعراج حينما عرج الى السماء رأى أناساً يأكلون النار، وتخرج من أدبارهم نيران، فسأل جبرائيل مَنْ هؤلاء؟ قال: هؤلاء أكلةُ مال اليتيم.
إذن هؤلاء مسؤوليّة في أعناقنا ويجب على كلّ أمّ أن تُحافظ على حقوق هؤلاء الأيتام، وأن تحصل على قيموميّة من الحاكم الشرعيّ أي المرجع أو وكيله في المدينة للتصرّف بأموال هذا اليتيم، وإلّا لا يجوز لها أن تتصرّف بدينارٍ واحد من مال اليتيم بدون هذه القيموميّة، حتّى وإن حصلت على القيموميّة لابُدّ أن تصرف هذه الأموال على هؤلاء الأيتام، فإذن نحن نواجه هذه الابتلاءات وهؤلاء الأيتام هم مسؤوليّتنا، لذلك في سبيل الحفاظ على حقوق الأيتام الواقع أنّ هذه الشريحة أوجب الله تعالى علينا الاهتمام بها والحفاظ على حقوقهم الى أن يكبروا ويُتمّ الذكرُ الخامسة عشر من عمره والأنثى التاسعة من عمرها.
وأختم كلامي بأن نوجّه الشكر لله تعالى لأنّه المُنعم الذي أنعم علينا بنعمٍ كثيرة، إحداها هي من يقوم بالاهتمام بنا من مؤسّسات ومن خيّرين سخّرهم الله تعالى لهذه الشريحة، وأيضاً نشكر المولى أبا الفضل العباس(عليه السلام) ونرجوه أن يرعى هذا التجمّع، ونحن بدورنا كلّما ابتُلينا بابتلاء علينا أن نقتدي بالأئمّة(عليهم السلام) والأولياء، نحن الآن نجلس في حضرة العبّاس(عليه السلام) وعندما جاء العباس الى كربلاء كان لديه ولدان هما عبيد الله والفضل وكانت له بنت، فابتُلي هؤلاء الأطفال بفقد أبيهم أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) في كربلاء، وأيضاً فقدوا أمّهم -لبابة زوجة العبّاس- التي ماتت في الطريق، هذه السيدة الجليلة -لبابة- زوجها استُشهِد في كربلاء وهي أيضاً ماتت في طريق السبي فبقي أولادها أيتاماً، من التي تولّت رعايتهم؟ تولّت رعايتهم السيدة فاطمة أمّ البنين(عليها السلام)، نحن أيضاً نقتدي بهذه السيرة ونجد أنّ الحسين(عليه السلام) ذهب وترك أيتاماً سكينة ورقيّة(عليهما السلام)، وكان هناك اثنان وثمانون طفلاً مع السيّدة زينب(عليها السلام) حينما استُشهِد أبو عبد الله الحسين(عليه السلام)، إذن فهذا هو ابتلاء أهل البيت(عليهم السلام)، ونحن لابُدّ لنا أن نسير على منهجهم، فترون أنّ هناك من يستهدفنا ويريد قتلنا، لكن نسأل الله تعالى أن يجعل كيد هؤلاء في نحورهم.